قوله تعالى : ولقد آتينا داود منا فضلا فيه سبعة أقاويل :
أحدها : النبوة .
الثاني : الزبور .
الثالث : فصل القضاء بالعدل .
الرابع : الفطنة والذكاء .
الخامس : رحمة الضعفاء .
السادس : حسن الصوت .
السابع : تسخير الجبال له والطير .
يا جبال أوبي معه والطير فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : سبحي معه ، قاله ابن عباس ومجاهد . وقتادة
الثاني : سيرى معه قاله وهو من السير ما كان في النهار كله أو في الليل كله ، وقيل : بل هو سير النهار كله دون الليل . الحسن
[ ص: 436 ] الثالث : ارجعي إذا رجع ، قال الشاعر
يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب
أي رجوع بعد رجوع .
وألنا له الحديد قال : كان يعمل به كما يعمل بالطين لا يدخله النار ولا يضربه بمطرقة . قتادة
ويحتمل وجها آخر أنه سهل له الحديد أن يعمل منه ما شاء وإن كان على جوهره وطبعه من قولهم قد لان لك فلان إذا تسهل عليك .
قوله عز وجل : أن اعمل سابغات أي درعا تامة ، ومنه إسباغ النعمة إتمامها ، قال الشاعر
وأكثرهم دروعا سابغات وأمضاهم إذا طعنوا سنانا
وقدر في السرد فيه قولان :
أحدهما : عدل المسامير في الحلقة لا تصغر المسمار وتعظم الحلقة فيسلس ، ولا تعظم المسمار وتصغر الحلقة فتنفصم الحلقة ، قاله . مجاهد
الثاني : لا تجعل حلقه واسعة فلا تقي صاحبها ، قال : وكان قتادة داود ، وكان قبل ذلك صفائح . أول من عملها
وفي السرد قولان :
أحدهما : أنه النقب الذي في حلق الدرع ، قاله ، قال ابن عباس لبيد
وما نسجت أسراد داود وابنه مضاعفة من نسجه إذ يقاتل
الثاني : أنه المسامير التي في حلق الدرع ، قاله ، مأخوذ من قولهم : سرد الكلام يسرده إذا تابع بينه ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : قتادة في الأشهر الحرم ثلاثة سرد وواحد فرد . وقال الهذلي
وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع
وحكى ضمرة بن شوذب أن داود عليه السلام كان يرفع كل يوم درعا فيبيعها [ ص: 437 ] بستة آلاف درهم ، ألفان لأهله ، وأربعة آلاف يطعم بها بني إسرائيل خبز الحواري . وحكى يحيى بن سلام أن والفراء لقمان حضر داود عند أول درع عملها فجعل يتفكر فيما يريد به ولا يدري ما يريد ، فلم يسله حتى إذا فرغ منها داود قام فلبسها وقال : نعمت جنة الحرب هذه ، فقال لقمان : الصمت حكمة وقليل فاعله .
واعملوا صالحا فيه وجهان :
أحدهما : هو قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قاله . ابن عباس
الثاني : فعل جميع الطاعات .
إني بما تعملون بصير أي يعلم ما تعملون من خير أو شر .