ولا تطع منهم آثما أو كفورا قيل إنه عنى أبا جهل ، يريد بالآثم المرتكب للمعاصي ، وبالكفور الجاحد للنعم . واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا يعني في أول النهار وآخره ، ففي أوله صلاة الصبح ، وفي آخره صلاة الظهر والعصر . ومن الليل فاسجد له يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة . وسبحه ليلا طويلا يعني التطوع من الليل .
[ ص: 173 ]
قال ابن عباس وسفيان : كل تسبيح في القرآن هو صلاة . إن هؤلاء يحبون العاجلة يحتمل في المراد بهم قولين :
أحدهما : أنه أراد بهم اليهود وما كتموه من صفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحة نبوته .
الثاني : أنه أراد المنافقين لاستبطانهم الكفر . ويحتمل قوله يحبون العاجلة وجهين :
أحدهما : أخذ الرشا على ما كتموه إذا قيل إنهم اليهود .
الثاني : طلب الدنيا إذا قيل إنهم المنافقون . ويذرون وراءهم يوما ثقيلا يحتمل وجهين :
أحدهما : ما يحل بهم من القتل والجلاء إذا قيل إنهم اليهود .
الثاني : يوم القيامة إذا قيل إنهم المنافقون . فعلى هذا يحتمل قوله (ثقيلا) وجهين :
أحدهما : شدائده وأحواله .
الثاني : للقصاص من عباده . نحن خلقناهم وشددنا أسرهم في أسرهم ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني مفاصلهم ، قاله . أبو هريرة
الثاني : خلقهم ، قاله ابن عباس ومجاهد قال وقتادة لبيد
ساهم الوجه شديد أسره مشرف الحارك محبوك الكفل .
الثالث : أنه القوة ، قاله ، قال ابن زيد ابن أحمر في وصف فرس
يمشي لأوظفة شداد أسرها صم السنابك لاتقى بالجدجد .
ويحتمل هذا القول منه تعالى وجهين :
أحدهما : امتنانا عليهم بالنعم حين قابلوها بالمعصية .
الثاني : تخويفا لهم من سلب النعم . وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا يحتمل وجهين :
أحدهما : أمثال من كفر بالنعم وشكرها .
[ ص: 174 ]
الثاني : من كفر بالرسل بمن يؤمن بها . إن هذه تذكرة يحتمل بالمراد بـ(هذه) وجهين :
أحدهما : هذه السورة .
الثاني : هذه الخلقة التي خلق الإنسان عليها . ويحتمل قوله (تذكرة) وجهين :
أحدهما : إذكار ما غفلت عنه عقولهم .
الثاني : موعظة بما تؤول إليه أمورهم . فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا يحتمل وجهين :
أحدهما : طريقا إلى خلاصه .
الثاني : وسيلة إلى جنته .