واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول [ ص: 319 ] ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير
قوله عز وجل: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ذكر الله تعالى الفيء في سورة الحشر والغنيمة في هذه السورة. واختلفوا في على ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الغنيمة ما ظهر عليه من أموال المشركين والفيء ما ظهر عليه من الأرض ، قاله الفيء والغنيمة عطاء بن السائب. والثاني: أن الغنيمة ما أخذ عنوة ، والفيء ما أخذ عن صلح ، قاله الشافعي والثالث: أن الفيء والغنيمة سواء وهو كل مال أخذ من المشركين ، وآية الفيء التي هي في سورة الحشر منسوخة بآية الغنيمة التي في سورة الأنفال ، قاله وسفيان الثوري. . وقوله تعالى: قتادة من شيء يريد جميع ما وقع عليه اسم شيء مباح حواه المسلمون من أموال المشركين. فأن لله خمسه أحدهما: أنه استفتاح كلام ، فلله الدنيا والآخرة وما فيهما ، ومعنى الكلام فأن للرسول خمسه ، قاله الحسن وعطاء وقتادة وإبراهيم ، وروى والشافعي عن نهشل عن الضحاك قال: ابن عباس ثم قرأ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فصرف ذلك الخمس في خمسة واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول وإنما قوله فأن لله خمسه مفتاح كلام ، ولله ما في السماوات وما في الأرض فجعل سهم الله وسهم الرسول واحد. والثاني: أن سهم الله مستحق لبيته ، ومعناه فإن لبيت الله خمسه وللرسول، وقد روى عن الربيع بن أنس قال: أبي العالية الرياحي للكعبة وهو سهم الله ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم فيكون سهم للرسول ، وسهم لذي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل. وقوله تعالى: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى [ ص: 320 ] بالغنيمة فيقسمها على خمسة تكون أربعة أخماس لمن شهدها ، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه فيأخذ منه الذي قبض كفه فيجعله وللرسول فيه قولان: أحدهما: أنه مفتاح كلام اقترن بذكر الله وليس للرسول من ذلك شيء كما لم يكن لله من ذلك شيء ، وأن الخمس مقسوم على أربعة أسهم ، وهذا قول من رواية ابن عباس علي بن أبي طلحة. والثاني: أن ذلك للرسول وهو قول الجمهور. واختلفوا في على خمسة أقاويل: أحدها: أنه للخليفة بعده ، قاله سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده . والثاني: أنه لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم إرثا ، وهذا قول من جعل النبي موروثا. والثالث: أن سهم الرسول صلى الله عليه وسلم مردود على السهام الباقية ويقسم الخمس على أربعة. والرابع: أنه مصروف في مصالح المسلمين العامة ، قاله قتادة . والخامس: أن ذلك مصروف في الكراع والسلاح ، وروي أن ذلك فعل الشافعي أبي بكر ، رواه وعمر أما قوله تعالى: النخعي. ولذي القربى فاختلف فيه على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم بنو هاشم ، قاله . والثاني: أنهم مجاهد قريش كلها ، روى سعيد المقري قال: كتب إلى نجدة يسأله عن ذي القربى ، قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس كنا نقول إننا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا: عبد الله بن عباس: قريش كلها ذوو قربى.
الثالث: أنهم بنو هاشم وبنو المطلب ، قاله الشافعي واختلفوا في والطبري. على أربعة أقاويل: [ ص: 321 ] أحدها: أنه لهم أبدا كما كان لهم من قبل ، قاله سهمهم اليوم . والثاني: أنه لقرابة الخليفة القائم بأمور الأمة. والثالث: أنه إلى الإمام يضعه حيث شاء. والرابع: أن سهمهم وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مردود على باقي السهام وهي ثلاثة ، قاله الشافعي . وأما أبو حنيفة واليتامى فهم من اجتمعت فيهم أربعة شروط: أحدها: موت الأب وإن كانت الأم باقية ، لأن يتم الآدميين بموت الآباء دون الأمهات ويتم البهائم بموت الأمهات دون الآباء. والثاني: الصغر ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: . والثالث: الإسلام لأنه مال المسلمين. والرابع: الحاجة لأنه معد للمصالح. ثم فيهم قولان: أحدهما: أنه لأيتام أهل الفيء خاصة. والثاني: أنه لجميع الأيتام. وأما لا يتم بعد حلم والمساكين فهم الذين لا يجدون ما يكفيهم. وأما أبناء السبيل فهم المسافرون من ذوي الحاجات ، والإسلام فيهم معتبر. وهل يختص بأهل الفيء؟ على القولين. وقال : الخمس موقوف على رأي الإمام فيمن يراه أحق به ، وإنما ذكرت هذه الأصناف لصدق حاجتها في وقتها. قوله عز وجل: مالك وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان وهو يوم بدر فرق الله تعالى فيه بين الحق والباطل.