الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم
قوله عز وجل: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم قرئ بضم الجيم وفتحها وفيه وجهان: أحدهما: أنهما يختلف لفظهما ويتفق معناهما ، قاله البصريون. [ ص: 385 ] والثاني: أن معناهما مختلف ، فالجهد بالضم الطاقة ، وبالفتح المشقة ، قاله بعض الكوفيين. وقيل: كان ذلك في غزاة تبوك نزلت في عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي وأبي عقيل الأراشي وسبب ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على الصدقة ليتجهز للجهاد ، فجاء بأربعة آلاف درهم وقال هذا شطر مالي صدقة ، وجاء عبد الرحمن بن عوف عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر ، وجاء بصاع من تمر وقال: إني آجرت نفسي بصاعين فذهبت بأحدهما إلى عيالي وجئت بالآخر صدقة ، فقال قوم من المنافقين حضروه: أما أبو عقيل عبد الرحمن فما أعطيا إلا رياء ، وأما صاع وعاصم أبي عقيل فالله غني عنه ، فنزلت فيهم هذه الآية. فيسخرون منهم يحتمل وجهين: أحدهما: أنهم أظهروا حمدهم واستبطنوا ذمهم. والثاني: أنهم نسبوا إلى الرياء وأعلنوا الاستهزاء. سخر الله منهم يحتمل وجهين: أحدهما: أنه ما أوجبه عليهم من جزاء الساخرين. والثاني: بما أمهلهم من المؤاخذة. قال : وكان هذا في الخروج إلى غزاة ابن عباس تبوك.