وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت [ ص: 413 ] عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
قوله عز وجل: وعلى الثلاثة الذين خلفوا يعني وتاب على الثلاثة الذين خلفوا وفيه وجهان: أحدهما: خلفوا عن التوبة وأخرت عليهم حين تاب عليهم ، أي على الثلاثة الذين لم يربطوا أنفسهم مع ، قاله أبي لبابة الضحاك وأبو مالك.
الثاني: خلفوا عن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله . وهؤلاء الثلاثة هم: عكرمة هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك. حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت لأن المسلمين امتنعوا من كلامهم. وضاقت عليهم أنفسهم بما لقوه من الجفوة لهم. وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه أي تيقنوا أن لا ملجأ يلجؤون إليه في الصفح عنهم وقبول التوبة منهم إلا إليه. ثم تاب عليهم قال بعد خمسين ليلة من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزاة كعب بن مالك: تبوك. ليتوبوا قال ليستقيموا لأنه قد تقدمت توبتهم وإنما امتحنهم بذلك استصلاحا لهم ولغيرهم. قوله عز وجل: ابن عباس يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها في أهل الكتاب ، وتأويلها: يا أيها الذين آمنوا من اليهود بموسى ، ومن النصارى بعيسى اتقوا الله في إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فآمنوا به ، وكونوا مع الصادقين يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جهاد المشركين ، قاله [ ص: 414 ] الثاني: أنها في المسلمين: وتأويلها: يا أيها الذين آمنوا من المسلمين اتقوا الله، وفي المراد بهذه التقوى وجهان: أحدهما: اتقوا الله من الكذب ، قال مقاتل بن حيان. إن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ، اقرأوا إن شئتم: ابن مسعود: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وهي قراءة هكذا: من الصادقين. والثاني: اتقوا الله في طاعة رسوله إذا أمركم بجهاد عدوه. ابن مسعود وكونوا مع الصادقين فيهم أربعة أقاويل: أحدها: مع أبي بكر ، قاله وعمر . الضحاك
الثاني: مع الثلاثة الذين خلفوا حين صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخرهم ولم يكذبوا. قاله . والثالث: مع من صدق في قوله ونيته وعمله وسره وعلانيته ، قاله السدي . والرابع: مع قتادة المهاجرين لأنهم لم يتخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله . ابن جريج