قوله عز وجل: إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر فيه قولان: أحدهما: أنه رأى إخوته وأبويه ساجدين له فثنى ذكرهم ، وعنى بأحد عشر كوكبا إخوته وبالشمس أباه يعقوب ، وبالقمر أمه راحيل رآهم له ساجدين ، فعبر عنه بما ذكره ، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني: أنه رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له فتأول الكواكب إخوته ، والشمس أباه ، والقمر أمه ، وهو قول الأكثرين. وقال الشمس أمه والقمر أبوه ؛ لتأنيث الشمس وتذكير القمر. وروى ابن جريج: عن السدي عبد الرحمن بن سابط عن قال: جابر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 7 ] رجل من اليهود يقال له بستانة فقال: يا محمد ، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ، ما أسماؤها ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجب بشيء ، فنزل عليه جبريل بأسمائها . قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وقال : (أنت تؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟) فقال : نعم . فقال: ( جريان ، والطارق والذيال وذو الكتفين وقابس والوثاب والعمودان والفليق والمصبح والضروح وذو الفرع والضياء والنور) . فقال اليهودي: بلى والله إنها لأسماؤها. وفي إعادة قوله رأيتهم لي ساجدين وجهان: أحدهما: تأكيدا للأول لبعد ما بينهما ، قاله الزجاج.
الثاني: أن الأول رؤيته لهم ، والثاني رؤيته لسجودهم. وفي قوله ساجدين وجهان: أحدهما: أنه السجود المعهود في الصلاة إعظاما لا عبادة.
الثاني: أنه رآهم خاضعين فجعل خضوعهم سجودا ، كقول الشاعر :
... ... ... ترى الأكم فيه سجدا للحوافر