[ ص: 17 ] قوله عز وجل: وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم وهو الذي يرد أمامهم الماء ليستقي لهم. وذكر أصحاب التواريخ أنه مالك بن ذعر بن حجر بن يكه بن لخم. فأدلى دلوه أي أرسلها ليملأها ، يقال أدلاها إذا أرسل الدلو ليملأها ، ودلاها إذا أخرجها ملأى. قال قتادة: فتعلقيوسف عليه السلام بالدلو حين أرسلت. والبئر ببيت المقدس معروف مكانها. قال يا بشرى هذا غلام فيه قولان: أحدهما: أنه ناداهم بالبشرى يبشرهم بغلام ، قاله . قتادة
الثاني: أنه نادى أحدهم ، كان اسمه بشرى فناداه باسمه يعلمه بالغلام ، قاله السدي. وأسروه بضاعة فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن إخوة يوسف كانوا بقرب الجب ، فلما رأوا الوارد قد أخرجه قالوا هذا عبدنا قد أوثقناه فباعوه وأسروا بيعه بثمن جعلوه بضاعة لهم ، قاله . ابن عباس
الثاني: أن الواردين إلى الجب أسروا ابتياعه عن باقي أصحابهم ليكون بضاعة لهم كيلا يشركوهم فيه لرخصه وتواصوا أنه بضاعة استبضعوها من أهل الماء ، قاله . مجاهد
الثالث: أن الذين شروه أسروا بيعه على الملك حتى لا يعلم به أصحابهم وذكروا أنه بضاعة لهم. وحكى جويبر عن أنه ألقي في الجب وهو ابن ست سنين ، وبقي فيه إلى أن أخرجته السيارة منه ثلاثة أيام. وقال الضحاك ألقي فيه وهو ابن سبع عشرة سنة. الكلبي:
[ ص: 18 ] قوله عز وجل: وشروه بثمن بخس معنى شروه أي باعوه ، ومنه قول ابن مفرغ الحميري.
وشريت بردا ليتني من بعد برد كنت هامة
واسم البيع والشراء يطلق على كل واحد من البائع والمشتري لأن كل واحد منهما بائع لما في يده مشتر لما في يد صاحبه. وفي بائعه قولان: أحدهما: أنهم إخوته باعوه على السيارة حين أخرجوه من الجب فادعوه عبدا ، قاله ابن عباس والضحاك ومجاهد.
الثاني: أن السيارة باعوه عن ملك مصر ، قاله الحسن وقتادة. بثمن بخس فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن البخس ها هنا الحرام ، قاله ، قال الضحاك لأنهم أوقعوا البيع على نفس لا يجوز بيعها فكان ثمنه وإن جل بخسا ، وما هو وإن باعه أعداؤه بأعجب منك في بيع نفسك بشهوة ساعة من معاصيك. ابن عطاء:
الثاني: أنه الظلم ، قاله . قتادة
الثالث: أنه القليل ، قاله مجاهد والشعبي. دراهم معدودة اختلف في على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه بيع بعشرين درهما اقتسموها وكانوا عشرة ، فأخذ كل واحد منهم درهمين ، قاله قدرها ابن مسعود وابن عباس وقتادة وعطية والسدي.
الثاني: باثنين وعشرين درهما ، كانوا أحد عشر فأخذ كل واحد منهم درهمين ، قاله . مجاهد
الثالث بأربعين
درهما ، قاله عكرمة وكان وابن إسحاق. يقول: اشتروا بها خفافا ونعالا. وفي قوله تعالى السدي دراهم معدودة وجهان: أحدهما: معدودة غير موزونة لزهدهم فيه.
الثاني: لأنها كانت أقل من أربعين درهما ، وكانوا لا يزنون أقل من أربعين [ ص: 19 ] درهما ؛ لأن أقل الوزن عندهم كان الأوقية ، والأوقية أربعون درهما. وكانوا فيه من الزاهدين وفي المعني بهم قولان: أحدهما: أنهم إخوة يوسف كانوا فيه من الزاهدين حين صنعوا به ما صنعوا.
الثاني: أن السيارة كانوا فيه من الزاهدين حين باعوه بما باعوه به. وفي زهدهم فيه وجهان: أحدهما: لعلمهم بأنه حر لا يبتاع.
الثاني: أنه كان عندهم عبدا فخافوا أن يظهر عليه مالكوه فيأخذوه. وفيه وجه ثالث: أنهم كانوا في ثمنه من الزاهدين لاختبارهم له وعلمهم بفضله ، وقال أعتق عكرمة يوسف حين بيع.