قوله عز وجل: ومن يهد الله فهو المهتدي معناه من يحكم الله تعالى بهدايته فهو المهتدي بإخلاصه وطاعته. ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه فيه وجهان: أحدهما: ومن يحكم بضلاله فلن تجد له أولياء من دونه في هدايته.
الثاني: ومن يقض الله تعالى بعقوبته لم يوجد له ناصر يمنعه من عقابه. ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم فيه وجهان: أحدهما: أن ذلك عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم ، من قول العرب: قدم القوم على وجوههم إذا أسرعوا.
[ ص: 275 ] الثاني: أنهم يسحبون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم كمن يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه. عميا وبكما وصما فيه وجهان: أحدهما: أنهم حشروا في النار عمي الأبصار بكم الألسن صم الأسماع ليكون ذلك زيادة في عذابهم ، ثم أبصروا لقوله تعالى ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها [الكهف: 53] وتكلموا لقوله تعالى دعوا هنالك ثبورا [الفرقان: 13] وسمعوا لقوله تعالى سمعوا لها تغيظا وزفيرا [الفرقان: 12] . وقال بل إذا قال لهم مقاتل بن سليمان: اخسئوا فيها ولا تكلمون [المؤمنون: 18] صاروا عميا لا يبصرون ، صما لا يسمعون ، بكما لا يفقهون.
الثاني: أن حواسهم على ما كانت عليه ، ومعناه عمي عما يسرهم ، بكم عن التكلم بما ينفعهم ، صم عما يمتعهم ، قاله ابن عباس والحسن. مأواهم جهنم يعني مستقرهم جهنم. كلما خبت زدناهم سعيرا فيه وجهان: أحدهما: كلما طفئت أوقدت ، قاله . مجاهد
الثاني: كلما سكن التهابها زدناهم سعيرا والتهابا ، قاله ، قال الشاعر: الضحاك
وكنا كالحريق أصاب غابا فيخبو ساعة ويهب ساعا
وسكون التهابها من غير نقصان في آلامهم ولا تخفيف من عذابهم.