قوله تعالى : لا تحسبن الذين يفرحون الآية .
[ ص: 171 ] أخرج أحمد، ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم في "الشعب" من طريق والبيهقي حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أن قال لبوابه : اذهب يا مروان رافع إلى فقل له : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى، وأحب أن يحمد بما لم يفعل - معذبا، لنعذبن أجمعين . فقال ابن عباس ما لكم ولهذه الآية؟ إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عباس : (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس) الآية . وتلا : ابن عباس : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية . فقال سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه . ابن عباس :
وأخرج البخاري ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "شعب الإيمان" والبيهقي أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت : أبي سعيد الخدري، لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية . عن
[ ص: 172 ] وأخرج عن عبد بن حميد أن زيد بن أسلم، رافع بن خديج كانا عند وزيد بن ثابت وهو أمير مروان بالمدينة، فقال يا مروان : رافع، في أي شيء نزلت هذه الآية : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا قال رافع : أنزلت في ناس من المنافقين، كانوا إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم اعتذروا وقالوا : ما حبسنا عنكم إلا الشغل، فلوددنا أنا كنا معكم، فأنزل الله فيهم هذه الآية، فكأن أنكر ذلك فجزع مروان رافع من ذلك، فقال لزيد بن ثابت : أنشدك بالله، هل تعلم ما أقول؟ قال : نعم، فلما خرجا من عند قال له مروان زيد : ألا تحمدني شهدت لك؟ قال : أحمدك أن تشهد بالحق . قال : نعم، قد حمد الله على الحق أهله .
وأخرج عن ابن جرير في الآية قال : هؤلاء المنافقون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : لو قد خرجت لخرجنا معك . فإذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم تخلفوا وكذبوا، ويفرحون بذلك ويرون أنها حيلة احتالوا بها . ابن زيد
وأخرج ، ابن إسحاق ، وابن جرير ، من طريق وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : يعني ابن عباس فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أن يقول لهم الناس : علماء، وليسوا بأهل علم، لم [ ص: 173 ] يحملوهم على هدى ولا خير ويحبون أن يقول لهم الناس : قد فعلوا .
وأخرج ، ابن جرير من طريق وابن أبي حاتم العوفي ، عن في الآية قال : هم أهل الكتاب، أنزل عليهم الكتاب، فحكموا بغير الحق، وحرفوا الكلم عن مواضعه، وفرحوا بذلك، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فرحوا أنهم كفروا ابن عباس بمحمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل إليه، وهم يزعمون أنهم يعبدون الله ويصومون ويصلون ويطيعون الله، فقال الله لمحمد : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا كفروا بالله وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصلاة والصوم .
وأخرج ، عبد بن حميد عن وابن جرير في الآية قال : إن اليهود كتب بعضهم إلى بعض : إن الضحاك محمدا ليس بنبي فأجمعوا كلمتكم، وتمسكوا بدينكم وكتابكم الذي معكم، ففعلوا ففرحوا بذلك وفرحوا باجتماعهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم .
وأخرج عن ابن جرير في الآية قال : كتموا اسم السدي محمد ففرحوا بذلك حين اجتمعوا عليه، وكانوا يزكون أنفسهم فيقولون : نحن أهل الصيام، وأهل الصلاة، وأهل الزكاة، ونحن على دين إبراهيم . فأنزل الله [ ص: 174 ] فيهم : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا من كتمان محمد صلى الله عليه وسلم ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أحبوا أن تحمدهم العرب بما يزكون به أنفسهم وليسوا كذلك .
وأخرج ، ابن جرير عن وابن أبي حاتم سعيد بن جبير : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا قال : بكتمانهم محمدا صلى الله عليه وسلم ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا قال : هو قولهم : نحن على دين إبراهيم .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في الآية قال : يهود، فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب، وحمدهم إياهم عليه، ولا تملك يهود ذلك، ولن تفعله . مجاهد
وأخرج عن ابن جرير في الآية قال : هم اليهود يفرحون بما آتى الله سعيد بن جبير إبراهيم .
وأخرج ، عبد بن حميد عن وابن جرير قال : ذكر لنا أن يهود قتادة خيبر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به، وأنهم متابعوه، وهم متمسكون بضلالتهم، وأرادوا أن يحمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يفعلوا، فأنزل الله : لا تحسبن الذين يفرحون الآية .
وأخرج ، عبد الرزاق ، من وجه آخر عن وابن جرير في الآية قال : إن [ ص: 175 ] أهل قتادة خيبر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا : إنا على رأيكم وإنا لكم ردء، فأكذبهم الله .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في الآية قال : إن اليهود من أهل الحسن خيبر قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : قد قبلنا الدين، ورضينا به . فأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا .
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء، فأدخلتهم الملوك، فرخصوا لهم وأعطوهم، فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من قولهم وما أعطوا، فأنزل الله : محمد بن كعب القرظي لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن أبي حاتم في قوله : إبراهيم لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا قال : ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأخرج ، وابن سعد، مالك ، والطبراني في "الدلائل"، عن والبيهقي محمد بن ثابت، قال : يا رسول الله، لقد خشيت أن أكون قد [ ص: 176 ] هلكت . قال : «لم؟» قال : نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل، وأجدني أحب الحمد، ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، ونهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا رجل جهير الصوت، فقال : «يا ثابت بن قيس ثابت، ألا ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟» فعاش حميدا، وقتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب . أن
وأخرج عن الطبراني محمد بن ثابت قال : حدثني قال قلت : يا رسول الله، لقد خشيت . فذكره . ثابت بن قيس بن شماس
وأخرج عن ابن أبي حاتم أن رجلا قال له : ألا تميل فنحملك على ظهر؟ قال : لعلك من العراضين؟ قال : وما العراضون؟ قال : الذين ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، إذا عرض لك الحق فاقصد له، واله عما سواه . الأحنف بن قيس
وأخرج عن ابن أبي حاتم (فلا يحسبنهم) يعني أنفسهم . يحيى بن يعمر :
وأخرج عن عبد بن حميد ، أنه قرأ : (فلا يحسبنهم) على الجماع، [ ص: 177 ] بكسر السين ورفع الباء . مجاهد
وأخرج عن ابن المنذر في قوله : الضحاك بمفازة قال بمنجاة .
وأخرج عن ابن جرير مثله . ابن زيد،