قوله تعالى : ومن أصدق من الله قيلا [ ص: 29 ] أخرج عن ابن أبي حاتم قال : إن ابن مسعود . أصدق الحديث كلام الله
وأخرج في (شعب الإيمان) عن البيهقي قال : كل ما هو آت قريب، ألا إن البعيد ما ليس بآت، ألا لا يعجل الله لعجلة أحد، ولا يجد لأمر الناس، ما شاء الله لا ما شاء الناس، يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا، ما شاء الله كان ولو كره الناس، لا مقرب لما باعد الله، ولا مباعد لما قرب الله، ولا يكون شيء إلا بإذن الله، أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي ابن مسعود محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وخير ما ألقي في القلب اليقين، وخير الغنى غنى النفس، وخير العلم ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع، ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم، فإن لكل نفس نشاطا وإقبالا، وإن لها سآمة وإدبارا، ألا وشر الروايا روايا الكذب، الكذب يقود إلى الفجور، وإن الفجور يقود إلى النار، ألا وعليكم بالصدق، فإن الصدق يقود إلى البر، وإن البر يقود إلى الجنة، واعتبروا في ذلك، أيهما الفئتان التقتا، يقال للصادق صدق وبر، ويقال للكاذب : كذب وفجر، وقد سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم [ ص: 30 ] يقول : (لا يزال العبد يصدق حتى يكتب صديقا، ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا) .
ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له، ألا ولا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وابتدعوا في دينهم، فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه، وما خالفه فأمسكوا عنه واسكتوا، ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء، ألا وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا عامر له، ألا وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع سورة (البقرة) تقرأ فيه .
وأخرج في (الدلائل)، البيهقي ، والديلمي ، عن وابن عساكر قال : عقبة بن عامر خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان منها على ليلة، فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال : (ألم أقل لك يا اكلأنا الفجر) فقال : يا رسول الله، ذهب بي النوم، فذهب بي الذي ذهب بك، فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك المنزل غير بعيد، ثم صلى، ثم هذب بقية يومه وليلته، فأصبح بلال : بتبوك، فحمد الله وأثنى [ ص: 31 ] عليه بما هو أهله، ثم قال : أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدي هدي الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير العلم ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرا، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل، وخير ما وقر في القلوب اليقين، والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جثى جهنم، والكنز كي من النار، والشعر من مزامير إبليس، والخمر جماع الإثم، والنساء حبالة الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المآكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع، والأمر بآخره، وملاك العمل خواتمه، وشر الروايا روايا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من [ ص: 32 ] معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتأل على الله يكذبه، ومن يغفر يغفر له، ومن يعف يعف الله عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يبتغ السمعة يسمع الله به، ومن يصبر يضعف الله له، ومن يعص الله يعذبه الله، اللهم اغفر لي ولأمتي اللهم اغفر لي ولأمتي - قالها ثلاثا - أستغفر الله لي ولكم) .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، عن وابن عساكر ، أنه كان يقول في خطبته : أصدق الحديث كلام الله، فذكر مثله سواء . ابن مسعود