قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله الآية .
أخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في (ناسخه)، عن والنحاس في قوله : ابن عباس لا تحلوا شعائر الله قال : كان المشركون يحجون البيت الحرام، ويهدون الهدايا، ويعظمون حرمة المشاعر، وينحرون [ ص: 164 ] في حجهم، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم فقال الله : لا تحلوا شعائر الله وفي قوله : ولا الشهر الحرام يعني تستحلوا قتالا فيه، ولا آمين البيت الحرام يعني : من توجه قبل البيت فكان المؤمنون والمشركون يحجون البيت جميعا، فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدا يحج البيت أو يتعرضوا له من مؤمن أو كافر، ثم أنزل الله بعد هذا : إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وفي قوله : يبتغون فضلا يعني : إنهم يترضون الله بحجهم، ولا يجرمنكم يقول : يحملنكم، شنآن قوم يقول : عداوة قوم، وتعاونوا على البر والتقوى قال : البر، ما أمرت به، والتقوى ما نهيت عنه .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم في الآية قال : ابن عباس شعائر الله ما نهى الله عنه أن تصيبه وأنت محرم، والهدي ما لم يقلد، والقلائد مقلدات الهدي، ولا آمين البيت الحرام يقول : من توجه حاجا .
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : ابن عباس لا تحلوا شعائر الله قال : مناسك الحج .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن المنذر في قوله : مجاهد لا تحلوا شعائر الله قال : معالم الله في الحج .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن المنذر أنه سئل عن عطاء، فقال : [ ص: 165 ] حرمات الله، اجتناب سخط الله، واتباع طاعته، فذلك شعائر الله . شعائر الحج
وأخرج ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير في (ناسخه)، عن والنحاس في قوله : قتادة يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام قال : منسوخ، كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من السمر، فلم يعرض له أحد، وإذا تقلد بقلادة شعر، لم يعرض له أحد، وكان المشرك يومئذ لا يصد عن البيت فأمر الله أن لا يقاتل المشركون في الشهر الحرام، ولا عند البيت، ثم نسخها قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة : 5] .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر في الآية قال : نسخ منها : قتادة آمين البيت الحرام نسختها الآية التي في (براءة)، قال : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقال : ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر [التوبة : 17]، وقال : إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [التوبة : 28]، وهو العام الذي حج فيه أبو بكر، ونادى علي بالأذان .
وأخرج ، عن ابن المنذر في قوله : مجاهد لا تحلوا شعائر الله الآية . [ ص: 166 ] قال : نسختها : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .
وأخرج ، عن عبد بن حميد ، مثله . الضحاك
وأخرج ، عن ابن جرير قال : كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم، يأمنون بذلك إذا خرجوا من الحرم، فنزلت : عطاء لا تحلوا شعائر الله الآية، ولا الهدي ولا القلائد .
وأخرج ، عن عبد بن حميد في قوله : مجاهد لا تحلوا شعائر الله الآية، قال : القلائد اللحاء في رقاب الناس، والبهائم، أمانا لهم، والصفا والمروة والهدي والبدن، كل هذا من شعائر الله، قال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : هذا كله من عمل أهل الجاهلية، فعله وإقامته، فحرم الله ذلك كله بالإسلام إلا اللحاء القلائد، ترك ذلك .
وأخرج ، عن عبد بن حميد في الآية قال : أما القلائد، فإن أهل الجاهلية كانوا ينزعون من لحاء السمر، فيتخذون منها قلائد يأمنون بها في الناس، فنهى الله عن ذلك أن ينزع من شجر الحرم . عطاء
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : عكرمة ولا الشهر الحرام قال : هو ذو القعدة .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم قال : زيد بن أسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية [ ص: 167 ] وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : نصد هؤلاء كما صدنا أصحابنا، فأنزل الله : ولا يجرمنكم الآية .
وأخرج ، عن ابن جرير قال : السدي أقبل الحطم بن هند البكري حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه، فقال : إلام تدعو؟ فأخبره، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : (يدخل اليوم عليكم رجل من ربيعة، يتكلم بلسان شيطان)، فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم، قال : انظروا لعلي أسلم، ولي من أشاوره، فخرج من عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعقب غادر)، فمر بسرح من سرح المدينة، فساقه، ثم أقبل من عام قابل حاجا، قد قلد وأهدى، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه، فنزلت هذه الآية حتى بلغ : ولا آمين البيت الحرام فقال ناس من أصحابه : يا رسول الله، خل بيننا وبينه، فإنه صاحبنا، قال : (إنه قد قلد) قالوا : إنما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية، فأبى عليهم، فنزلت هذه الآية .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن المنذر قال : عكرمة قدم الحطم بن هند البكري المدينة في عير له، تحمل طعاما، فباعه، ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه، وأسلم، فلما ولى خارجا نظر إليه، فقال لمن عنده : (لقد دخل علي بوجه فاجر، وولى بقفا غادر)، فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام، وخرج في عير له تحمل الطعام [ ص: 168 ] في ذي القعدة يريد مكة، فلما سمع به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، تهيأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عيره، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله الآية، فانتهى القوم .
وأخرج ، عن ابن جرير في قوله : ابن زيد ولا آمين البيت الحرام قال : هذا يوم الفتح، جاء ناس يؤمون البيت من المشركين، يهلون بعمرة، فقال المسلمون : يا رسول الله، إنما هؤلاء مشركون، فمثل هؤلاء فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم، فنزل القرآن : ولا آمين البيت الحرام .
وأخرج ، عن عبد بن حميد في قوله : مجاهد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا قال : يبتغون الأجر والتجارة، حرم الله على كل أحد إخافتهم .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر في قوله : قتادة يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا قال : هي للمشركين، يلتمسون فضل الله ورضوانا بما يصلح لهم دنياهم .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : خمس آيات في كتاب الله رخصة، وليست بعزمة : مجاهد وإذا حللتم فاصطادوا إن شاء [ ص: 169 ] اصطاد، وإن شاء لم يصطد، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا [الجمعة : 10]، أو على سفر فعدة من أيام أخر [البقرة : 184]، فكلوا منها وأطعموا [الحج : 28، 36]
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم قال : خمس من كتاب الله رخصة وليست بعزيمة : عطاء فكلوا منها وأطعموا ، فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل، وإذا حللتم فاصطادوا ، من شاء فعل، ومن شاء لم يفعل، ومن كان مريضا أو على سفر ، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر، فكاتبوهم إن علمتم [النور : 33]، إن شاء كاتب، وإن شاء لم يفعل، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا إن شاء انتشر، وإن شاء لم ينتشر .
وأخرج ، عن عبد بن حميد في قوله : قتادة ولا يجرمنكم شنآن قوم قال : لا يحملنكم بغض قوم .
وأخرج ، عن عبد بن حميد في قوله : الربيع بن أنس ولا آمين البيت الحرام قال : الذين يريدون الحج، يبتغون فضلا من ربهم قال : التجارة في الحج، ورضوانا قال : الحج، ولا يجرمنكم شنآن قوم قال : عداوة قوم، وتعاونوا على البر والتقوى قال : البر، ما أمرت به، والتقوى ما نهيت عنه .
وأخرج أحمد، في هذه الآية، وعبد بن حميد في (تاريخه) عن والبخاري وابصة قال : وابصة، أخبرك عما جئت تسأل عنه، أم تسأل؟) قلت : يا رسول الله، أخبرني قال : (جئت لتسأل عن البر والإثم)، ثم جمع أصابعه الثلاث، فجعل ينكت بها في صدري ويقول : (يا وابصة، استفت قلبك، استفت نفسك، البر : ما اطمأن إليه القلب، واطمأنت إليه النفس، والإثم : ما حاك في القلب، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك) . أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أريد أن أدع شيئا من البر والإثم إلا [ ص: 170 ] سألته عنه، فقال لي : (يا
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وأحمد في (الأدب)، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والحاكم في (الشعب)، عن والبيهقي النواس بن سمعان قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال : (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس) .
وأخرج أحمد، ، وعبد بن حميد ، وابن حبان ، والطبراني وصححه والحاكم ، عن والبيهقي أبي أمامة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإثم فقال : (ما حاك في نفسك فدعه)، قال : فما الإيمان؟ قال : (من ساءته سيئته، وسرته حسنته فهو مؤمن) .
[ ص: 171 ] وأخرج ، عن عبد بن حميد قال : الإثم حواز القلوب . عبد الله بن مسعود
وأخرج ، عن البيهقي قال : الإثم حواز القلوب، فإذا حز في قلب أحدكم شيء فليدعه . ابن مسعود
وأخرج ، عن البيهقي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن مسعود (الإثم حواز القلوب، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع) .
وأخرج أحمد، ، عن والبيهقي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس (ما من رجل ينعش لسانه حقا يعمل به، إلا أجري عليه أجره إلى يوم القيامة، ثم بوأه الله ثوابه يوم القيامة) .
وأخرج ، عن البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن عباس (إن داود عليه السلام قال فيما يخاطب ربه عز وجل : يا رب، أي عبادك أحب إليك أحبه [ ص: 170 ] بحبك؟ قال : يا داود، أحب عبادي إلي نقي القلب، نقي الكفين، لا يأتي إلى أحد سوءا، ولا يمشي بالنميمة، تزول الجبال ولا يزول، أحبني وأحب من يحبني، وحببني إلى عبادي، قال : يا رب، إنك لتعلم أني أحبك وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى عبادك؟ قال : ذكرهم بآلائي، وبلائي، ونعمائي، يا داود، إنه ليس من عبد يعين مظلوما، أو يمشي معه في مظلمته إلا أثبت قدميه يوم تزول الأقدام) .
وأخرج عن أحمد، ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي الدرداء (من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة) .
وأخرج ، عن ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة (من أعان على قتل مؤمن، ولو بشطر كلمة، لقي الله مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله) .
وأخرج في (الأوسط)، الطبراني عن والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن عباس (من أعان ظالما بباطل ليدحض به حقا، فقد برئ من ذمة الله ورسوله) .
وأخرج وصححه، عن الحاكم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عمر (من [ ص: 173 ] أعان على خصومة بغير حق، كان في سخط الله حتى ينزع) .
وأخرج في (تاريخه)، البخاري ، والطبراني ، في (شعب الإيمان)، عن والبيهقي أوس بن شرحبيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من مشى مع ظالم ليعينه، وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الإسلام) .
وأخرج في (شعب الإيمان)، عن البيهقي ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ابن عمر من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في أمره، ومن مات وعليه دين، فليس بالدينار والدرهم، ولكنها الحسنات والسيئات، ومن خاصم في باطل، وهو يعلمه، لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال .
وأخرج ، من طريق البيهقي فسيلة، أنها سمعت أباها، وهو يقول : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال : (لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم) . واثلة بن الأسقع،
[ ص: 174 ] وأخرج ، عن البيهقي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة (من مشى مع قوم يرى أنه شاهد وليس بشاهد، فهو شاهد زور، ومن أعان على خصومة بغير علم كان في سخط الله حتى ينزع، وقتال المسلم كفر، وسبابه فسوق) .
وأخرج وصححه، الحاكم ، عن والبيهقي عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولفظ (من أعان قوما على ظلم، فهو كالبعير المتردي فهو ينزع بذنبه)، الحاكم : (مثل الذي يعين قومه على غير الحق، كمثل البعير يتردى، فهو يمد بذنبه) .