قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود الآية .
[ ص: 346 ] أخرج ، ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه في (الدلائل)، والبيهقي ، عن وابن عساكر قال : عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي ابن سلول، وقام دونهم، ومشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وكان أحد عبادة بن الصامت بني عوف بن الخزرج، وله من حلفهم مثل الذي كان لهم من عبد الله بن أبي، فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ إلى الله ورسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم، وفيه وفي عبد الله بن أبي نزلت الآيات في المائدة : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض إلى قوله : فإن حزب الله هم الغالبون . لما حاربت
وأخرج ، عن ابن مردويه قال : أسلم ابن عباس عبد الله بن أبي ابن سلول ثم إنه قال : إنه بيني وبين قريظة والنضير حلف، وإني أخاف الدوائر، فارتد كافرا، وقال أبرأ إلى الله من حلف عبادة بن الصامت : قريظة والنضير، وأتولى الله ورسوله والذين آمنوا، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء إلى قوله : فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يعني : عبد الله بن أبي، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة إلى قوله : فأصبحوا خاسرين يعني عبد الله بن أبي، وقوله : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون يعني : وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : عبادة بن الصامت، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون .
وأخرج ، من طريق ابن مردويه عبادة بن الوليد، عن أبيه، عن جده قال : في نزلت هذه الآية حين أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبرأت إليه من حلف يهود، وظاهرت رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين عليهم . عبادة بن الصامت
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، عن وابن جرير عطية بن سعد، قال : من عبادة بن الصامت بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إن لي موالي من يهود، كثير عددهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وأتولى الله ورسوله، فقال عبد الله بن أبي : إني رجل أخاف الدوائر، لا أبرأ من ولاية موالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي : يا أبا الحباب، ما بخلت به من ولاية يهود على فهو إليك دونه)، قال : قد قبلت . [ ص: 348 ] فأنزل الله : عبادة بن الصامت، يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض إلى قوله : فترى الذين في قلوبهم مرض . جاء
وأخرج ، عن ابن جرير قال : الزهري بدر قال المسلمون لأوليائهم من يهود : آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر، فقال مالك بن صيف : غركم أن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال، أما لو أمررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقاتلونا، فقال يا رسول الله، إن أوليائي من اليهود كانت شديدة أنفسهم، كثيرا سلاحهم، شديدة شوكتهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم، ولا مولى لي إلا الله ورسوله، فقال عبادة : عبد الله بن أبي : لكني لا أبرأ من ولاء يهود إني رجل لا بد لي منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أبا الحباب، أرأيت الذي نفست به من ولاء يهود على فهو لك دونه؟) قال : إذن أقبل، فأنزل الله تعالى ذكره : عبادة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض إلى أن بلغ إلى قوله : والله يعصمك من الناس . لما انهزم أهل
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم قال : لما كانت وقعة السدي أحد اشتد على طائفة من الناس وتخوفوا أن يدال عليهم الكفار، فقال رجل لصاحبه : أما أنا فألحق بفلان اليهودي فآخذ منه أمانا، وأتهود معه، فإني أخاف أن تدال [ ص: 349 ] علينا اليهود، وقال الآخر : أما أنا فألحق بفلان النصراني ببعض أرض الشام، فآخذ منه أمانا، وأتنصر معه، فأنزل الله تعالى فيه ينهاهما : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن المنذر في قوله : عكرمة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض في بني قريظة إذ غدروا، ونقضوا العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم إلى يدعونه أبي سفيان بن حرب وقريشا ليدخلوهم حصونهم، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر إليهم أن يستنزلهم من حصونهم، فلما أطاعوا له بالنزول وأشار إلى حلقه الذبح الذبح، وكان طلحة، يكاتبان النصارى وأهل والزبير الشام، وبلغني أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يخافون العوز والفاقة، فيكاتبون اليهود من بني قريظة، والنضير، فيدسون إليهم الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم يلتمسون عندهم القرض أو النفع، فنهوا عن ذلك .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : كلوا من ذبائح ابن عباس بني تغلب، وتزوجوا من نسائهم، فإن الله يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم [ ص: 350 ] منكم فإنه منهم . فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم .
وأخرج ، عن ابن جرير في هذه الآية : ابن عباس يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء الآية، قال : إنها في الذبائح من دخل في دين قوم فهو منهم .
وأخرج ، ابن أبي حاتم في (شعب الإيمان) عن والبيهقي عياض، أن أمر عمر أن يرفع إليه ما أخذ، وما أعطى في أديم واحد، وكان له كاتب نصراني، فرفع إليه ذلك فعجب أبا موسى الأشعري وقال : إن هذا لحفيظ، هل أنت قارئ لنا كتابا في المسجد جاء من عمر الشام؟ فقال : إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد، قال أجنب هو؟ قال : لا، بل نصراني، قال : فانتهرني وضرب فخذي، ثم قال : أخرجوه، ثم قرأ : عمر : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء الآية .
وأخرج ، عن عبد بن حميد قال : ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر، وتلا : حذيفة ومن يتولهم منكم فإنه منهم .