[ ص: 364 ] إذ أنجاكم : ظرف للنعمة بمعنى الإنعام، أي: إنعامه عليكم ذلك الوقت.
فإن قلت: هل يجوز أن ينتصب بعليكم ؟
قلت: لا يخلو من أن يكون صلة للنعمة بمعنى الإنعام، أو غير صلة إذا أردت بالنعمة العطية، فإذا كان صلة لم يعمل فيه، وإذا كان غير صلة، بمعنى: اذكروا نعمة الله مستقرة عليكم عمل فيه، ويتبين الفرق بين الوجهين أنك إذا قلت: نعمة الله عليكم، فإن جعلته صلة، لم يكن كلاما حتى تقول فائضة أو نحوها، وإلا كان كلاما، ويجوز أن يكون "إذ": بدلا من نعمة الله، أي: اذكروا وقت إنجائكم، وهو بدل الاشتمال.
فإن قلت: في سورة البقرة: "يذبحون"، وفي الأعراف: "يقتلون"، وههنا: "ويذبحون" مع الواو، فما الفرق ؟
قلت: الفرق أن التذبيح حيث طرح الواو جعل تفسيرا للعذاب وبيانا له، وحيث أثبت جعل التذبيح; لأنه أوفي على جنس العذاب، وزاد عليه زيادة ظاهرة كأنه جنس آخر.
فإن قلت: كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم ؟
قلت: تمكينهم وإمهالهم، حتى فعلوا ما فعلوا ابتلاء من الله، ووجه آخر وهو: أن ذلك إشارة إلى الإنجاء وهو بلاء عظيم، والبلاء يكون ابتلاء بالنعمة والمحنة جميعا، قال تعالى: ونبلوكم بالشر والخير فتنة [الأنبياء: 35]; وقال زهير [من الطويل]:
............................. ... فأبلاهما خير البلاء الذي يبلوا