هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور
إتيان الله إتيان أمره وبأسه كقوله: أو يأتي أمر ربك [النحل: 33]، جاءهم بأسنا [الأنعام: 43]، ويجوز أن يكون المأتي به محذوفا، بمعنى: أن يأتيهم الله ببأسه أو بنقمته للدلالة عليه بقوله: ( إن الله عزيز ) في ظلل جمع ظلة وهي ما أظلك، وقرئ: (ظلال) وهي جمع ظلة، كقلة وقلال أو جمع ظل، وقرئ (والملائكة) بالرفع كقوله: هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة [الأنعام: 158] وبالجر، عطف على (ظلل) أو على (الغمام).
فإن قلت: لم يأتيهم العذاب في الغمام؟ قلت: لأن الغمام مظنة الرحمة، فإذا نزل منه العذاب كان الأمر أفظع وأهول; لأن الشر إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أغم، كما أن الخير إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أسر، فكيف إذا جاء الشر من حيث يحتسب الخير، ولذلك كانت الصاعقة من العذاب المستفظع; لمجيئها من حيث يتوقع الغيث، ومن ثمة اشتد على المتفكرين في كتاب الله قوله تعالى: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون [الزمر: 47].
وقضي الأمر : وأتم أمر إهلاكهم وتدميرهم وفرغ منه، وقرأ -رضي الله عنه-: (وقضاء الأمر): على المصدر المرفوع عطفا على الملائكة، وقرئ: (ترجع وترجع) على البناء للفاعل والمفعول بالتأنيث والتذكير فيهما. معاذ بن جبل