ما على الأرض : يعني: ما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها، لنبلوهم أيهم أحسن عملا : وحسن العمل: الزهد فيها وترك الاغترار بها، ثم زهد في الميل إليها بقوله: وإنا لجاعلون ما عليها : من هذه الزينة، صعيدا جرزا : يعني: مثل أرض بيضاء لا نبات فيها، بعد أن كانت خضراء معشبة، في إزالة بهجته، وإماطة حسنه، وإبطال ما به كان زينة: من إماتة الحيوان، وتجفيف النبات والأشجار، ونحو ذلك ذكر من الآيات الكلية تزيين الأرض مما خلق فوقها من الأجناس التي لا حصر لها، وإزالة ذلك كله كأن لم يكن، ثم قال: أم حسبت : يعني: أن ذلك أعظم من قصة أصحاب الكهف وإبقاء حياتهم مدة طويلة، والكهف: الغار الواسع في الجبل، "والرقيم": اسم كلبهم، قال أمية ابن أبي الصلت [من الطويل]:
وليس بها إلا الرقيم مجاورا ... وصيدهم والقوم في الكهف همد
[ ص: 567 ] وقيل: هو لوح من رصاص، رقمت فيه أسماؤهم جعل على باب الكهف، وقيل: إن الناس رقموا حديثهم نقرا في الجبل، وقيل: هو الوادي الذي فيه الكهف، وقيل: الجبل، وقيل: قريتهم، وقيل: مكانهم بين غضبان وأيلة دون فلسطين، "كانوا": آية، "عجبا": من آياتنا وصفا بالمصدر، أو على: ذات عجب، من لدنك رحمة : أي: رحمة من خزائن رحمتك، وهي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء، وهيئ لنا من أمرنا : الذي نحن عليه من مفارقة الكفار، "رشدا": حتى نكون بسببه راشدين مهتدين، أو اجعل أمرنا رشدا كله، كقولك: رأيت منك أسدا، فضربنا على آذانهم : أي: ضربنا عليها حجابا من أن تسمع، يعني: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات، كما ترى المستثقل في نومه يصاح به فلا يسمع ولا يستنبه، فحذف المفعول الذي هو الحجاب كما يقال: بنى على امرأته، يريدون: بنى عليها القبة، سنين عددا : ذوات عدد، فيحتمل أن يريد الكثرة وأن يريد القلة; لأن الكثير قليل عنده، كقوله: لم يلبثوا إلا ساعة من نهار [الأحقاف: 35]، وقال : إذا قل فهم مقدار عدده فلم يحتج أن يعد، وإذا كثر احتاج إلى أن يعد. الزجاج