يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا
اذكروا الله أثنوا عليه بضروب الثناء من التقديس والتحميد والتهليل والتكبير وما هو أهله ، وأكثروا ذلك بكرة وأصيلا أي في كافة الأوقات قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "اذكروا الله على فم كل مسلم " . وروي : "فى قلب كل مسلم " . وعن : قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وعن [ ص: 77 ] قتادة : هذه كلمات يقولها الطاهر والجنب . والفعلان ، أعني اذكروا وسبحوا موجهان إلى البكرة والأصيل ، كقولك : صم وصل يوم الجمعة ، والتسبيح من جملة الذكر ، وإنما اختصه من بين أنواعه اختصاص مجاهد جبريل وميكائيل من بين الملائكة ، ليبين فضله على سائر الأذكار ; لأن معناه تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات والأفعال ، وتبرئته من القبائح . ومثال فضله على غيره من الأذكار فضل وصف العبد بالنزاهة من أدناس المعاصي ، والطهر من أرجاس المآثم ، على سائر أوصافه من كثرة الصلاة والصيام ، والتوقر على الطاعات كلها ، والاشتمال على العلوم ، والاشتهار بالفضائل ، ويجوز أن يريد بالذكر وإكثاره : تكثير الطاعات ، والإقبال على العبادات ; فإن كل طاعة وكل خير من جملة الذكر ، ثم خص من ذلك التسبيح بكرة وأصيلا وهي الصلاة في جميع أوقاتها لفضل الصلاة على غيرها ، أو صلاة الفجر والعشاءين ; لأن أداءها أشق ومراعاتها أشد .