[ ص: 635 ] nindex.php?page=treesubj&link=28974_30795nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=143ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=143ولقد كنتم تمنون الموت خوطب به الذين لم يشهدوا
بدرا وكانوا يتمنون أن يحضروا مشهدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصيبوا من كرامة الشهادة ما نال شهداء
بدر، وهم الذين ألحوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخروج إلى المشركين، وكان رأيه في الإقامة
بالمدينة، يعني: وكنتم تمنون الموت قبل أن تشاهدوه وتعرفوا شدته وصعوبة مقاساته
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=143فقد رأيتموه وأنتم تنظرون أي: رأيتموه معاينين مشاهدين له حين قتل بين أيديكم من قتل إخوانكم وأقاربكم وشارفتم أن تقتلوا، وهذا توبيخ لهم على تمنيهم الموت، وعلى ما تسببوا له من خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإلحاحهم عليه، ثم انهزامهم عنه وقلة ثباتهم عنده.
فإن قلت:
nindex.php?page=treesubj&link=25561_32493كيف يجوز تمني الشهادة وفي تمنيها تمني غلبة الكافر المسلم؟ قلت: قصد متمني الشهادة إلى نيل كرامة الشهداء لا غير، ولا يذهب وهمه إلى ذلك المتضمن، كما أن من يشرب دواء الطبيب النصراني قاصد إلى حصول المأمول من الشفاء، ولا يخطر بباله أن فيه جر منفعة وإحسان إلى عدو الله وتنفيقا لصناعته، ولقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- حين نهض إلى
مؤتة، وقيل له ردكم الله [من البسيط]:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقولوا إذا مروا على جدثي:
أرشدك الله من غاز وقد رشدا
[ ص: 635 ] nindex.php?page=treesubj&link=28974_30795nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=143وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=143وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ خُوطِبَ بِهِ الَّذِينَ لَمْ يَشْهَدُوا
بَدْرًا وَكَانُوا يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَحْضُرُوا مَشْهَدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصِيبُوا مِنْ كَرَامَةِ الشَّهَادَةِ مَا نَالَ شُهَدَاءُ
بَدْرٍ، وَهُمُ الَّذِينَ أَلَحُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ رَأْيُهُ فِي الْإِقَامَةِ
بِالْمَدِينَةِ، يَعْنِي: وَكُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ تُشَاهِدُوهُ وَتَعْرِفُوا شِدَّتَهُ وَصُعُوبَةَ مَقَاسَاتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=143فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ أَيْ: رَأَيْتُمُوهُ مُعَايِنِينَ مُشَاهِدِينَ لَهُ حِينَ قُتِلَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مَنْ قَتَلَ إِخْوَانَكُمْ وَأَقَارِبَكُمْ وَشَارَفْتُمْ أَنْ تُقْتَلُوا، وَهَذَا تَوْبِيخٌ لَهُمْ عَلَى تَمَنِّيهِمُ الْمَوْتَ، وَعَلَى مَا تَسَبَّبُوا لَهُ مِنْ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِلْحَاحِهِمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْهِزَامِهِمْ عَنْهُ وَقِلَّةِ ثَبَاتِهِمْ عِنْدَهُ.
فَإِنْ قُلْتَ:
nindex.php?page=treesubj&link=25561_32493كَيْفَ يَجُوزُ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَفِي تَمَنِّيهَا تَمَنِّي غَلَبَةِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ؟ قُلْتُ: قَصْدُ مُتَمَنِّي الشَّهَادَةِ إِلَى نَيْلِ كَرَامَةِ الشُّهَدَاءِ لَا غَيْرُ، وَلَا يَذْهَبُ وَهْمُهُ إِلَى ذَلِكَ الْمُتَضَمَّنِ، كَمَا أَنَّ مَنْ يَشْرَبُ دَوَاءَ الطَّبِيبِ النَّصْرَانِيِّ قَاصِدٌ إِلَى حُصُولِ الْمَأْمُولِ مِنَ الشِّفَاءِ، وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ أَنَّ فِيهِ جَرَّ مَنْفَعَةٍ وَإِحْسَانٍ إِلَى عَدُوِّ اللَّهِ وَتَنْفِيقًا لِصِنَاعَتِهِ، وَلَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ نَهَضَ إِلَى
مُؤْتَةَ، وَقِيلَ لَهُ رَدَّكُمُ اللَّهُ [مِنَ الْبَسِيطِ]:
لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا أَوْ طَعْنَةً بِيَدِي حَرَّانَ مُجْهِزَةً
بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الْأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي:
أَرْشَدَكَ اللَّهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا