ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون "لإخوانهم" الذين بينهم وبينهم أخوة الكفر، ولأنهم كانوا يوالونهم ويؤاخونهم، وكانوا معهم على المؤمنين في السر ولا نطيع فيكم في قتالكم أحدا من رسول الله والمسلمين إن حملنا عليه. أو في خذلانكم وإخلاف ما وعدناكم من النصرة "لكاذبون" أي: في مواعيدهم لليهود. وفيه دليل على صحة النبوة: لأنه إخبار بالغيوب. فإن قلت: كيف قيل: ولئن نصروهم بعد الإخبار بأنهم لا ينصرونهم؟ قلت: معناه: ولئن نصروهم على الفرض والتقدير، كقوله تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك [الزمر: 65]. وكما يعلم ما يكون، فهو يعلم ما لا يكون لو كان كيف يكون. والمعنى: ولئن نصر المنافقون اليهود لينهزمن المنافقون ثم لا ينصرون بعد ذلك، أي: يهلكهم الله تعالى ولا ينفعهم نفاقهم لظهور كفرهم. أو ليهزمن اليهود ثم لا ينفعهم نصرة المنافقين.