عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم
ولما نزلت هذه الآيات: تشدد المؤمنون في عداوة آبائهم وأبنائهم وجميع أقربائهم من المشركين ومقاطعتهم، فلما رأى الله - عز وجل - منهم الجد والصبر على الوجه الشديد وطول التمني للسبب الذي يبيح لهم الموالاة والمواصلة. رحمهم فوعدهم تيسير ما تمنوه، فلما يسر فتح مكة أظفرهم الله بأمنيتهم، فأسلم قومهم، وتم بينهم من التحاب والتصافي ما تم. وقيل: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلانت عند ذلك عريكة أم حبيبة واسترخت شكيمته في العداوة، وكانت أبي سفيان قد أسلمت وهاجرت مع زوجها أم حبيبة عبد الله بن أبي جحش إلى الحبشة ، فتنصر وأرادها على النصرانية، فأبت وصبرت على دينها، ومات زوجها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فخطبها عليه، وساق عنه إليها مهرها أربعمائة دينار، وبلغ ذلك أباها فقال: ذلك الفحل لا يقدع أنفه. النجاشي [ ص: 93 ] و"عسى" وعد من الله على عادات الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج: عسى أو لعل: فلا تبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك. أو قصد به إطماع المؤمنين، والله قدير على تقليب القلوب وتغيير الأحوال وتسهيل أسباب المودة والله غفور رحيم لمن أسلم من المشركين.