[ ص: 110 ] سورة الجمعة
مدنية، وآياتها 11 نزلت بعد [الصف]
بسم الله الرحمن الرحيم
يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
قرئت صفات الله - عز وعلا - بالرفع على المدح، كأنه قيل: هو الملك القدوس، ولو قرئت منصوبة لكان وجها، كقول العرب: الحمد لله أهل الحمد. الأمي: منسوب إلى أمة العرب، لأنهم كانوا لا يكتبون ولا يقرءون من بين الأمم. وقيل: بدأت الكتابة بالطائف، أخذوها من أهل الحيرة، وأهل الحيرة من أهل الأنبار. ومعنى بعث في الأميين رسولا منهم بعث رجلا أميا في قوم أميين، كما جاء في حديث شعياء : أني أبعث أعمى في عميان، وأميا في أميين. وقيل: كقوله تعالى: من أنفسكم [التوبة: 128]. يعلمون نسبه وأحواله. وقرئ: "في الأمين"، بحذف ياءي النسب.
يتلو عليهم آياته يقرؤها عليهم مع كونه أميا مثلهم لم تعهد منه قراءة ولم يعرف بتعلم، وقراءة أمي بغير تعلم آية بينة. "ويزكيهم" ويطهرهم من الشرك وخبائث الجاهلية ويعلمهم الكتاب والحكمة القرآن والسنة. وإن في وإن كانوا هي المخففة من الثقيلة واللام دليل عليها، أي: كانوا في ضلال لا ترى ضلالا أعظم منه "وآخرين" مجرور، عطف على الأميين، يعني: أنه بعثه في الأميين الذين على عهده، وفي آخرين من الأميين لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون بهم، [ ص: 111 ] وهم الذين بعد الصحابة - رضي الله عنهم -. وقيل: لما نزلت قيل: ثم قال: "لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجال من هؤلاء سلمان " وقيل: هم الذين يأتون من بعدهم إلى يوم القيامة، ويجوز أن ينتصب عطفا على المنصوب في "ويعلمهم" أي: يعلمهم ويعلم آخرين; لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مستندا إلى أوله، فكأنه هو الذي تولى كل ما وجد منه من هم يا رسول الله، فوضع يده على وهو العزيز الحكيم في تمكينه رجلا أميا من ذلك الأمر العظيم، وتأييده عليه، واختياره إياه من بين كافة البشر"ذلك" الفضل الذي أعطاه محمدا وهو أن يكون نبي أبناء عصره، ونبي أبناء العصور الغوابر. هو فضل الله يؤتيه من يشاء إعطاءه وتقتضيه حكمته.