الذين يبخلون بدل من قوله : من كان مختالا فخورا أو نصب على الذم ، ويجوز أن يكون رفعا عليه ، وأن يكون مبتدأ خبره محذوف ، كأنه قيل : الذين يبخلون ويفعلون ويصنعون ، أحقاء لكل ملامة ، وقرئ "بالبخل" بضم الباء وفتحها ، وبفتحتين ، وبضمتين : أي : يبخلون بذات أيديهم ، وبما في أيدي غيرهم . فيأمرونهم بأن يبخلوا به مقتا للسخاء ممن وجد ، وفي أمثال العرب : أبخل من الضنين بنائل غيره . قال [من الطويل] :
وإن امرأ ضنت يداه على امرئ بنيل يد من غيره لبخيل
[ ص: 75 ] ولقد رأينا ممن بلي بداء البخل ، من إذا طرق سمعه أن أحدا جاد على أحد . شخص به وحل حبوته ، واضطرب ، ودارت عيناه في رأسه ، كأنما نهب رحله وكسرت خزانته ، ضجرا من ذلك وحسرة على وجوده ، وقيل : هم اليهود ، كانوا يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم ويقولون : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ولا تدرون ما يكون ، وقد عابهم الله بكتمان نعمة الله وما آتاهم من فضل الغنى والتفاقر إلى الناس ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : وبنى عامل [ ص: 76 ] "إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب أن ترى نعمته على عبده" قصرا حذاء قصره ، فنم به عنده . فقال الرجل : يا أمير المؤمنين إن الكريم يسره أن [ ص: 77 ] يرى أثر نعمته ، فأحببت أن أسرك بالنظر إلى آثار نعمتك ، فأعجبه كلامه ، وقيل : نزلت في [ ص: 78 ] شأن اليهود الذين كتموا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم . للرشيد