[ ص: 381 ] [سورة الشمس]
مكية، وآياتها خمس عشرة [نزلت بعد القدر]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29062_31759_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس وضحاها nindex.php?page=treesubj&link=29062_31759_32441_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2والقمر إذا تلاها nindex.php?page=treesubj&link=29062_31755_32440_32441_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=3والنهار إذا جلاها nindex.php?page=treesubj&link=29062_31755_32440_32441_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=4والليل إذا يغشاها nindex.php?page=treesubj&link=29062_28659_31756_32433_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5والسماء وما بناها nindex.php?page=treesubj&link=29062_28659_31756_32415_32433_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=6والأرض وما طحاها nindex.php?page=treesubj&link=29062_28644_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7ونفس وما سواها nindex.php?page=treesubj&link=29062_30454_30458_31808nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فألهمها فجورها وتقواها nindex.php?page=treesubj&link=29062_29680_30458nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قد أفلح من زكاها nindex.php?page=treesubj&link=29062_30458_30539nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وقد خاب من دساها
ضحاها: ضوؤها إذا أشرقت وقام سلطانها; ولذلك قيل:
nindex.php?page=treesubj&link=1226وقت الضحى، كأن وجهه شمس الضحى. وقيل: الضحوة ارتفاع النهار. والضحى فوق ذلك. والضحاء بالفتح والمد: إذا امتد النهار وقرب أن ينتصف
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2إذا تلاها طالعا عند غروبها آخذا من نورها; وذلك في النصف الأول من الشهر. وقيل: إذا استدار فتلاها في الضياء والنور
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=3إذا جلاها عند انتفاخ النهار وانبساطه، لأن الشمس تنجلي في ذلك الوقت تمام الانجلاء. وقيل: الضمير للظلمة، أو للدنيا، أو للأرض، وإن لم يجر لها ذكر، كقولهم: أصبحت باردة: يريدون الغداة، وأرسلت: يريدون السماء إذا يغشاها، فتغيب وتظلم الآفاق، فإن قلت: الأمر في نصب "إذا" معضل: لأنك لا تخلو إما أن تجعل الواوات عاطفة فتنصب بها وتجر، فتقع في العطف على عاملين في نحو قولك: مررت أمس بزيد، واليوم عمرو. وإما أن تجعلهن للقسم، فتقع فيما اتفق الخليل وسيبويه على استكراهه. قلت: الجواب فيه أن واو القسم مطرح معها إبراز الفعل إطراحا كليا، فكان لها شأن خلاف شأن الباء، حيث أبرز معها الفعل وأضمر، فكانت الواو قائمة مقام الفعل والباء سادة مسدهما معا، والواوات العواطف نوائب عن هذه الواو، فحققن أن يكن عوامل على الفعل والجار جميعا، كما تقول: ضرب زيد عمرا، وبكر خالدا; فترفع بالواو وتنصب
[ ص: 382 ] لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما. جعلت "ما" مصدرية في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وما بناها nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=6وما طحاها nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7وما سواها وليس بالوجه لقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فألهمها وما يؤدي إليه من فساد النظم، والوجه أن تكون موصولة، وإنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية، كأنه قيل: والسماء، والقادر العظيم الذي بناها، ونفس، والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها، وفي كلامهم: سبحان ما سخركن لنا. فإن قلت: لم نكرت النفس؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يريد نفسا خاصة من بين النفوس وهي نفس آدم، كأنه قال: وواحدة من النفوس. والثاني: أن يريد كل نفس وينكر للتكثير على الطريقة المذكورة في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=14علمت نفس [التكوير: 14]. ومعنى إلهام الفجور والتقوى: إفهامهما وإعقالهما، وأن أحدهما حسن والآخر قبيح، وتمكينه من اختيار ما شاء منهما بدليل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قد أفلح من زكاها nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وقد خاب من دساها [ ص: 383 ] فجعله فاعل التزكية، والتدسية ومتوليهما. والتزكية: الإنمار والإعلاء بالتقوى. والتدسية: النقص والإخفاء بالفجور. وأصل دسى: دسس، كما قيل في تقضض: تقضى. وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عنه فقال: أتقرأ:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قد أفلح من تزكى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وقد خاب من حمل ظلما [طه: 111]. وأما قول من زعم أن الضمير في زكى ودسى لله تعالى، وأن تأنيث الراجع إلى "من" لأنه في معنى النفس: فمن تعكيس القدرية الذين يوركون على الله قدرا هو بريء منه ومتعال عنه، ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه. فإن قلت: فأين جواب القسم؟ قلت: هو محذوف تقديره: ليدمدمن الله عليهم، أي: على أهل
مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما دمدم على ثمود؛ لأنهم كذبوا صالحا. وأما
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قد أفلح من زكاها فكلام تابع لقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فألهمها فجورها وتقواها على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء.
[ ص: 381 ] [سُورَةُ الشَّمْسِ]
مَكِّيَّةٌ، وَآيَاتُهَا خَمْسَ عَشْرَةَ [نَزَلَتْ بَعْدَ الْقَدْرِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29062_31759_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_31759_32441_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_31755_32440_32441_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=3وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_31755_32440_32441_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=4وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_28659_31756_32433_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_28659_31756_32415_32433_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=6وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_28644_33062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_30454_30458_31808nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_29680_30458nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062_30458_30539nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا
ضُحَاهَا: ضَوْؤُهَا إِذَا أَشْرَقَتْ وَقَامَ سُلْطَانُهَا; وَلِذَلِكَ قِيلَ:
nindex.php?page=treesubj&link=1226وَقْتُ الضُّحَى، كَأَنَّ وَجْهَهُ شَمْسُ الضُّحَى. وَقِيلَ: الضَّحْوَةُ ارْتِفَاعُ النَّهَارِ. وَالضُّحَى فَوْقَ ذَلِكَ. وَالضَّحَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: إِذَا امْتَدَّ النَّهَارُ وَقَرُبَ أَنْ يَنْتَصِفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2إِذَا تَلاهَا طَالِعًا عِنْدَ غُرُوبِهَا آخِذًا مِنْ نُورِهَا; وَذَلِكَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ. وَقِيلَ: إِذَا اسْتَدَارَ فَتَلَاهَا فِي الضِّيَاءِ وَالنُّورِ
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=3إِذَا جَلاهَا عِنْدَ انْتِفَاخِ النَّهَارِ وَانْبِسَاطِهِ، لِأَنَّ الشَّمْسَ تَنْجَلِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ تَمَامَ الِانْجِلَاءِ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلظُّلْمَةِ، أَوْ لِلدُّنْيَا، أَوْ لِلْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ، كَقَوْلِهِمْ: أَصْبَحَتْ بَارِدَةً: يُرِيدُونَ الْغَدَاةَ، وَأَرْسَلَتْ: يُرِيدُونَ السَّمَاءَ إِذَا يَغْشَاهَا، فَتَغِيبُ وَتُظْلِمُ الْآفَاقُ، فَإِنْ قُلْتَ: الْأَمْرُ فِي نَصْبِ "إِذَا" مُعْضِلٌ: لِأَنَّكَ لَا تَخْلُو إِمَّا أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَاتِ عَاطِفَةً فَتَنْصِبَ بِهَا وَتَجُرَّ، فَتَقَعُ فِي الْعَطْفِ عَلَى عَامِلَيْنِ فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: مَرَرْتُ أَمْسِ بِزَيْدٍ، وَالْيَوْمَ عَمْرٍو. وَإِمَّا أَنْ تَجْعَلَهُنَّ لِلْقَسَمِ، فَتَقَعُ فِيمَا اتَّفَقَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ عَلَى اسْتِكْرَاهِهِ. قُلْتُ: الْجَوَابُ فِيهِ أَنَّ وَاوَ الْقَسَمِ مُطْرَحٌ مَعَهَا إِبْرَازُ الْفِعْلِ إِطْرَاحًا كُلِّيًّا، فَكَانَ لَهَا شَأْنٌ خِلَافَ شَأْنِ الْبَاءِ، حَيْثُ أُبْرِزَ مَعَهَا الْفِعْلُ وَأُضْمِرَ، فَكَانَتِ الْوَاوُ قَائِمَةً مَقَامَ الْفِعْلِ وَالْبَاءُ سَادَّةً مَسَدَّهُمَا مَعًا، وَالْوَاوَاتُ الْعَوَاطِفُ نَوَائِبُ عَنْ هَذِهِ الْوَاوِ، فَحَقِقْنَ أَنْ يَكُنَّ عَوَامِلَ عَلَى الْفِعْلِ وَالْجَارِّ جَمِيعًا، كَمَا تَقُولُ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، وَبَكْرٌ خَالِدًا; فَتَرْفَعُ بِالْوَاوِ وَتَنْصِبُ
[ ص: 382 ] لِقِيَامِهَا مَقَامَ ضَرَبَ الَّذِي هُوَ عَامِلُهُمَا. جُعِلَتْ "مَا" مَصْدَرِيَّةً فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وَمَا بَنَاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=6وَمَا طَحَاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=7وَمَا سَوَّاهَا وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ لِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فَأَلْهَمَهَا وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ فَسَادِ النَّظْمِ، وَالْوَجْهُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً، وَإِنَّمَا أُوثِرَتْ عَلَى مَنْ لِإِرَادَةِ مَعْنَى الْوَصْفِيَّةِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَالسَّمَاءِ، وَالْقَادِرِ الْعَظِيمِ الَّذِي بَنَاهَا، وَنَفْسٍ، وَالْحَكِيمِ الْبَاهِرِ الْحِكْمَةِ الَّذِي سَوَّاهَا، وَفِي كَلَامِهِمْ: سُبْحَانَ مَا سَخَّرَكُنَّ لَنَا. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ نُكِّرَتِ النَّفْسُ؟ قُلْتُ: فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ نَفْسًا خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ النُّفُوسِ وَهِيَ نَفْسُ آدَمَ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَوَاحِدَةٍ مِنَ النُّفُوسِ. وَالثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نَفْسٍ وَيُنَكَّرُ لِلتَّكْثِيرِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=14عَلِمَتْ نَفْسٌ [التَّكْوِيرِ: 14]. وَمَعْنَى إِلْهَامِ الْفُجُورِ وَالتَّقْوَى: إِفْهَامُهُمَا وَإِعْقَالُهُمَا، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا حَسَنٌ وَالْآخَرُ قَبِيحٌ، وَتَمْكِينُهُ مِنَ اخْتِيَارِ مَا شَاءَ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=10وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [ ص: 383 ] فَجَعَلَهُ فَاعِلَ التَّزْكِيَةِ، وَالتَّدْسِيَةِ وَمُتَوَلِّيَهُمَا. وَالتَّزْكِيَةُ: الْإِنْمَارُ وَالْإِعْلَاءُ بِالتَّقْوَى. وَالتَّدْسِيَةُ: النَّقْصُ وَالْإِخْفَاءُ بِالْفُجُورِ. وَأَصْلُ دَسَّى: دَسَسَ، كَمَا قِيلَ فِي تَقَضَّضَ: تَقَضَّى. وَسُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ فَقَالَ: أَتَقْرَأُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا [طه: 111]. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي زَكَّى وَدَسَّى لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ تَأْنِيثَ الرَّاجِعِ إِلَى "مَنْ" لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّفْسِ: فَمِنْ تَعْكِيسِ الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ يُوَرِّكُونَ عَلَى اللَّهِ قَدَرًا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ وَمُتَعَالٍ عَنْهُ، وَيُحْيُونَ لَيَالِيَهُمْ فِي تَمَحُّلِ فَاحِشَةٍ يَنْسُبُونَهَا إِلَيْهِ. فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيْنَ جَوَابُ الْقَسَمِ؟ قُلْتُ: هُوَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لَيُدَمْدِمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، أَيْ: عَلَى أَهْلِ
مَكَّةَ لِتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا دَمْدَمَ عَلَى ثَمُودَ؛ لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا صَالِحًا. وَأَمَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا فَكَلَامٌ تَابِعٌ لِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ، وَلَيْسَ مِنْ جَوَابِ الْقَسَمِ فِي شَيْءٍ.