هو القادر : هو الذي عرفتموه قادرا ، وهو الكامل القدرة عذابا من فوقكم : كما أمطر على قوم لوط ، وعلى أصحاب الفيل الحجارة ، وأرسل على قوم نوح الطوفان أو من تحت أرجلكم : كما أغرق فرعون ، وخسف بقارون ، وقيل : " من فوقكم" : من قبل أكابركم وسلاطينكم ، و “ من تحت أرجلكم" : من قبل سفلتكم وعبيدكم .
وقيل : هو حبس المطر والنبات أو يلبسكم شيعا : أو يخلطكم فرقا مختلفين على أهواء شتى ، كل فرقة منكم مشايعة لإمام ، ومعنى : " خلطهم" : أن ينشب القتال بينهم فيختلطوا ، ويشتبكوا في ملاحم القتال ; من قوله : [من الكامل]
وكتيبة لبستها بكتيبة حتى إذا التبست نفضت لها يدي
[ ص: 358 ] وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سألت الله ألا يبعث على أمتي عذابا من فوقهم ، أو من تحت أرجلهم ، فأعطاني ذلك ، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعني ، وأخبرني جبريل أن فناء أمتي بالسيف" ، وعن جابر بن عبد الله من فوقكم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : " أعوذ بوجهك" ، فلما نزل : أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ، قال : " هاتان [ ص: 359 ] أهون" .
ومعنى الآية : الوعيد بأحد أصناف العذاب المعدودة ، والضمير في قوله : لما نزل : وكذب به : راجع إلى العذاب ، : وهو الحق أي : لا بد أن ينزل بهم قل لست عليكم بوكيل : بحفيظ ، وكل إلي أمركم أمنعكم من التكذيب إجبارا ; إنما أنا منذر لكل نبإ : لكل شيء ينبأ به ، يعني : إنباءهم بأنهم يعذبون وإيعادهم به مستقر : وقت استقرار وحصول لا بد منه .
وقيل : الضمير في"به" : للقرآن .