إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم
قرئ: (حرم) على البناء للفاعل، و(حرم) على البناء للمفعول، و(حرم) بوزن كرم، أهل به لغير الله أي: رفع به الصوت للصنم، وذلك قول أهل الجاهلية: باسم اللات والعزى غير باغ : على مضطر آخر بالاستيثار عليه، ولا عاد : سد الجوعة .
فإن قلت: في الميتات ما يحل وهو السمك والجراد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قلت: قصد ما يتفاهمه الناس ويتعارفونه في العادة، ألا ترى أن [ ص: 359 ] القائل إذا قال: أكل فلان ميتة، لم يسبق الوهم إلى السمك والجراد، كما لو قال: أكل دما، لم يسبق إلى الكبد والطحال، ولاعتبار العادة والتعارف قالوا: من حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا لم يحنث، وإن أكل لحما في الحقيقة، قال الله تعالى: "أحلت لنا ميتتان ودمان" لتأكلوا منه لحما طريا [النحل: 14] وشبهوه بمن حلف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث، وإن [ ص: 360 ] سماه الله تعالى دابة في قوله: إن شر الدواب عند الله الذين كفروا [الأنفال: 55].
فإن قلت:فما له ذكر لحم الخنزير دون شحمه؟ قلت: لأن الشحم داخل في ذكر اللحم; لكونه تابعا له وصفة فيه، بدليل قولهم: لحم سمين، يريدون أنه شحيم.