ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير
ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ولئن أعطيناه نعمة بحيث يجد لذتها . ثم نزعناها منه ثم سلبنا تلك النعمة منه . إنه ليئوس قطوع رجاءه من فضل الله تعالى لقلة صبره وعدم ثقته به . كفور مبالغ في كفران ما سلف له من النعمة .
ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته كصحة بعد سقم وغنى بعد عدم ، وفي اختلاف الفعلين نكتة لا تخفى . ليقولن ذهب السيئات عني أي المصائب التي ساءتني . إنه لفرح بطر بالنعم مغتر بها . فخور على الناس مشغول عن الشكر والقيام بحقها ، وفي لفظ الإذاقة والمس تنبيه على أن ما يجده الإنسان في الدنيا من النعم والمحن كالأنموذج لما يجده في الآخرة ، وأنه يقع في الكفران والبطر بأدنى شيء لأن الذوق إدراك الطعم والمس مبتدأ الوصول .
إلا الذين صبروا على الضراء إيمانا بالله تعالى واستسلاما لقضائه . وعملوا الصالحات شكرا لآلائه سابقها ولاحقها . أولئك لهم مغفرة لذنوبهم . وأجر كبير أقله الجنة والاستثناء من الإنسان لأن المراد به الجنس فإذا كان محلى باللام أفاد الاستغراق ومن حمله على الكافر لسبق ذكرهم جعل الاستثناء منقطعا .