وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما
وقضى ربك وأمر أمرا مقطوعا به . ألا تعبدوا بأن لا تعبدوا . إلا إياه لأن غاية التعظيم لا تحق إلا لمن له غاية العظمة ونهاية الإنعام ، وهو كالتفصيل لسعي الآخرة . ويجوز أن تكون أن مفسرة ولا ناهية . وبالوالدين إحسانا وبأن تحسنوا ، أو وأحسنوا بالوالدين إحسانا لأنهما السبب الظاهر للوجود والتعيش ، ولا يجوز أن تتعلق الباء بالإحسان لأن صلته لا تتقدم عليه . إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما إما هي إن الشرطية زيدت عليها ما تأكيدا ولذلك صح لحوق النون المؤكدة للفعل ، وأحدهما فاعل يبلغن وبدل على قراءة حمزة من ألف « يبلغان » الراجع إلى « الوالدين » ، وكلاهما عطف على أحدهما فاعلا أو بدلا ولذلك لم يجز أن يكون تأكيدا للألف ، ومعنى والكسائي عندك أن يكونا في كنفك وكفالتك . فلا تقل لهما أف فلا تتضجر مما يستقذر منهما وتستثقل من مؤنتهما ، وهو صوت يدل على تضجر . وقيل هو اسم الفعل الذي هو أتضجر ، وهو مبني على الكسر لالتقاء الساكنين وتنوينه في قراءة نافع وحفص للتنكير . وقرأ ابن كثير وابن عامر بالفتح على التخفيف . وقرئ به منونا وبالضم للإتباع كمنذ منونا وغير منون ، والنهي عن ذلك يدل على المنع من سائر أنواع ويعقوب قياسا بطريق الأولى . وقيل عرفا كقولك : فلان لا يملك النقير والقطمير ، ولذلك منع رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيذاء من قتل أبيه وهو في صف المشركين ، نهى عما يؤذيهما بعد الأمر بالإحسان بهما . حذيفة ولا تنهرهما ولا تزجرهما عما لا يعجبك بإغلاظ .
وقيل النهي والنهر والنهم أخوات . وقل لهما بدل التأفيف والنهر . قولا كريما جميلا لا شراسة فيه .