واخفض لهما جناح الذل تذلل لهما وتواضع فيهما ، وجعل للذل جناحا كما جعل لبيد في قوله :
وغداة ريح قد كشفت وقرة . . . إذ أصبحت بيد الشمال زمامها
للشمال يدا أو للقرة زماما ، وأمره بخفضه مبالغة أو أراد جناحه كقوله تعالى : واخفض جناحك للمؤمنين . وإضافته إلى الذل للبيان والمبالغة كما أضيف حاتم إلى الجود ، والمعنى واخفض لهما جناحك الذليل . وقرئ « الذل » بالكسر وهو الانقياد والنعت منه ذلول . من الرحمة من فرط رحمتك عليهما لافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله تعالى إليهما بالأمس . وقل ربي ارحمهما وادع الله تعالى أن يرحمهما برحمته الباقية ، ولا تكتف برحمتك الفانية وإن كانا كافرين لأن من الرحمة أن يهديهما . كما ربياني صغيرا رحمة مثل رحمتهما علي وتربيتهما وإرشادهما لي في صغري وفاء بوعدك للراحمين .
روي : (أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أبوي بلغا من الكبر أني ألي منهما ما وليا مني في الصغر فهل قضيتهما حقهما . قال : لا فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك وتريد موتهما) .
[ ص: 253 ]