[ ص: 204 ] (60) سورة الممتحنة
مدنية وآيها ثلاث عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء
نزلت في فإنه حاطب بن أبي بلتعة، مكة كتب إليهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم، وأرسل كتابه مع سارة مولاة بني المطلب، فنزل جبريل عليه السلام فأعلم رسول الله، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وعمارا وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب حاطب إلى أهل مكة، فخذوه منها وخلوها فإن أبت فاضربوا عنقها، فأدركوها ثمة فجحدت فهموا بالرجوع، فسل رضي الله تعالى عنه السيف فأخرجته من عقاصها، فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وقال: ما حملك عليه؟ فقال: يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولكني كنت امرأ ملصقا في حاطبا قريش وليس لي فيهم من يحمي أهلي، فأردت أن آخذ عندهم يدا وقد علمت أن كتابي لا يغني عنهم شيئا، فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذره. لما علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو أهل
تلقون إليهم بالمودة تفضون إليهم المودة بالمكاتبة، والباء مزيدة أو إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب المودة، والجملة حال من فاعل لا تتخذوا أو صفة لأولياء جرت على غير من هي له، ولا حاجة فيها إلى إبراز الضمير لأنه مشروط في الاسم دون الفعل. وقد كفروا بما جاءكم من الحق حال من فاعل أحد الفعلين. يخرجون الرسول وإياكم أي من مكة وهو حال من كفروا أو استئناف لبيانه. أن تؤمنوا بالله ربكم بأن تؤمنوا به وفيه تغليب المخاطب والالتفات من التكلم إلى الغيبة للدلالة على ما يوجب الإيمان.
إن كنتم خرجتم عن أوطانكم. جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي علة للخروج وعمدة للتعليق وجواب الشرط محذوف دل عليه لا تتخذوا. تسرون إليهم بالمودة بدل من تلقون أو استئناف معناه: أي طائل لكم في إسرار المودة أو الإخبار بسبب المودة. وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم أي منكم. وقيل أعلم مضارع والباء مزيدة و «ما» موصولة أو مصدرية. ومن يفعله منكم أي من يفعل الاتخاذ. فقد ضل سواء السبيل أخطأه.