ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون
[ ص: 173 ] ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا فزعم أنه بعثه نبيا كمسيلمة والأسود العنسي، أو اختلق عليه أحكاما كعمرو بن لحي ومتابعيه. أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء كعبد الله بن سعد بن أبي سرح (كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلت ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين فلما بلغ قوله: ثم أنشأناه خلقا آخر قال عبد الله فتبارك الله أحسن الخالقين تعجبا من تفصيل خلق الإنسان فقال عليه الصلاة والسلام: اكتبها فكذلك نزلت، فشك عبد الله وقال لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إلي كما أوحي إليه ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال .
ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله كالذين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا. ولو ترى إذ الظالمون حذف مفعوله لدلالة الظرف عليه أي ولو ترى الظالمين. في غمرات الموت شدائده من غمره الماء إذا غشيه. والملائكة باسطو أيديهم يقبض أرواحهم كالمتقاضي الملظ أو بالعذاب. أخرجوا أنفسكم أي يقولون لهم أخرجوها إلينا من أجسادكم تغليظا وتعنيفا عليهم، أو أخرجوها من العذاب وخلصوها من أيدينا. اليوم يريدون وقت الإماتة، أو الوقت الممتد من الإماتة إلى ما لا نهاية له.
تجزون عذاب الهون أي الهوان يريدون العذاب المتضمن لشدة وإهانة، فإضافته إلى الهون لعراقته وتمكنه فيه. بما كنتم تقولون على الله غير الحق كادعاء الولد والشريك له ودعوى النبوة والوحي كاذبا. وكنتم عن آياته تستكبرون فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون.