فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين
فلم تقتلوهم بقوتكم . ولكن الله قتلهم بنصركم وتسليطكم عليهم وإلقاء الرعب في قلوبهم .
روي : أنه لما طلعت قريش من العقنقل قال عليه الصلاة والسلام : هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك ، اللهم إني أسألك ما وعدتني فأتاه جبريل عليه السلام وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها ، فلما التقى الجمعان تناول كفا من الحصباء فرمى بها في وجوههم وقال « شاهت الوجوه » ، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ، ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر فيقول الرجل قتلت وأسرت ، فنزلت . والفاء جواب شرط محذوف تقديره : إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم ولكن الله [ ص: 54 ] قتلهم . وما رميت يا محمد رميا توصله إلى أعينهم ولم تقدر عليه . إذ رميت أي إذ أتيت بصورة الرمي . ولكن الله رمى أتى بما هو غاية الرمي فأوصلها إلى أعينهم جميعا حتى انهزموا وتمكنتم من قطع دابرهم ، وقد عرفت أن اللفظ يطلق على المسمى وعلى ما هو كماله والمقصود منه . وقيل معناه ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم . وقيل إنه نزل في طعنة طعن بها أبي بن خلف يوم أحد ولم يخرج منه دم فجعل يخور حتى مات . أو رمية سهم رماه يوم خيبر نحو الحصن فأصاب كنانة بن أبي الحقيق على فراشه ، والجمهور على الأول . وقرأ ابن عامر وحمزة (ولكن) بالتخفيف ورفع ما بعده في الموضعين . والكسائي وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا ولينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة ومشاهدة الآيات فعل ما فعل . إن الله سميع لاستغاثتهم ودعائهم . عليم بنياتهم وأحوالهم .
ذلكم إشارة إلى البلاء الحسن ، أو القتل أو الرمي ، ومحله الرفع أي المقصود أو الأمر ذلكم وقوله : وأن الله موهن كيد الكافرين معطوف عليه أي المقصود إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وإبطال حيلهم .
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو موهن بالتشديد ، وحفص موهن كيد بالإضافة والتخفيف .