قوله عز وجل:
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون
هذا تنبيه لقريش وأمر لهم بالاعتبار فيمن سلف من الأمم وبسوء عواقبهم بكفرهم وإشراكهم، ثم أمر تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بإقامة وجهه، والمعنى: اجعل قصدك ومسعاك للدين، أي لطريقه ولأعماله واعتقاداته. و"القيم" أصله: قيوم، اجتمعت الياء والواو وسبقت الياء وهي ساكنة فأبدلت الواو ياء وأدغمت الأولى في الثانية. ثم حذره تبارك وتعالى من يوم القيامة تحذيرا يعم العالم، وإياهم القصد، [ ص: 32 ] و"لا مرد له" معناه: ليس فيه رجوع لعمل ولا رغبة، ولا عنه مرتحل، ويحتمل أن يريد: لا يرده راد حتى لا يقع، وهذا ظاهر بحسب اللفظ، و"يصدعون" معناه: يتفرقون بعد جمعهم، وهذا هو التصدع، ومعنى "يتفرقون": إلى الجنة وإلى النار.
ثم قسم الفريقين بأحكام تلحقهم من أعمال في الدنيا، ثم عبر عن الكفر بـ"عليه"، وهي تعطي الثقل والمشقة، وعن العمل الصالح باللام التي هي لام الملك، و"يمهدون" معناه يوطئون ويهيئون، وهي استعارة منقولة من الفرش ونحوها إلى الأحوال والمراتب. وقال : هذا التمهيد هو للقبر. مجاهد