قوله عز وجل:
ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم
هذا ابتداء احتجاج عليهم بحجة أخرى، وجملتها أن وقفوا على الخالق المخترع، [ ص: 397 ] فإذا قالوا إنه الله; لم يبق لهم في الأصنام غرض إلا أن يقولوا: إنها تضر وتنفع، فلما تقعد من قولهم إن الله هو الخالق قيل لهم: أفرأيتم هؤلاء إذا أراد الله أمرا، أبهم قدرة على نقضه؟ وحذف الجواب عن هذا، لأنه من البين أنه لا يجيب أحد; إلا أنه لا قدرة للأصنام على شيء من ذلك. وقرأ: "إن أرادني" بياء مفتوحة جمهور القراء والناس، وقرأ : [إن أرادن الله] بحذف الياء في الوصل، وروى الأعمش خارجة بغير ياء أصلا. وقرأ جمهور القراء، ، والأعرج ، وأبو جعفر ، والأعمش ، وعيسى : وابن وثاب "كاشفات ضره" بالإضافة، وقرأ ، أبو عمرو وأبو بكر عن : [كاشفات ضره] بالتنوين ونصب [ضره]، وهي قراءة عاصم شيبة، ، والحسن - بخلاف عنه - وعيسى ، وهذا هو الوجه فيما لم يقع بعد، وكذلك الخلاف في وعمرو بن عبيد ممسكات رحمته .
ثم أمره تعالى بأن يصدع بالاتكال على الله تعالى، وأنه حسبه من كل شيء ومن كل ناصر. ثم أمره بتوعدهم في قوله: اعملوا على مكانتكم ، أي: على ما رأيتموه متمكنا لكم، وعلى حالتكم التي استقر رأيكم عليها. وقرأ الجمهور: "مكانتكم" بالإفراد، وقرأها بالجمع: الحسن . وقوله: وعاصم "اعملوا" لفظ بمعنى الوعيد، و"العذاب المخزي": هو عذاب الدنيا يوم بدر وغيره، "والعذاب المقيم" هو عذاب الآخرة.