قوله عز وجل:
ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون
هذه الآية نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول، ورفاعة بن التابوت، وقوم من منافقي الأنصار كانوا بعثوا إلى بني النضير وقالوا لهم: اثبتوا في معاقلكم فإنا معكم كيفما تقلبت حالكم، وإنما أرادوا بذلك أن تقوى نفوسهم عسى أن يثبتوا حتى لا يقدر محمد عليه الصلاة والسلام عليهم فيتم لهم مرادهم، وكانوا كذبة فيما قالوا من ذلك، ولذلك لم يخرجوا حين أخرج بنو النضير بل قعدوا في ديارهم، وقوله تعالى عز وجل: ولئن نصروهم معناه: ولئن حاولوا نصرهم فإنهم ينهزمون ثم لا ينصر الله تعالى أحدا منهم.
وجاءت الأفعال غير مجزومة في قوله تعالى: "لا يخرجون" و "لا ينصرونهم" لأنها راجعة على حكم القسم لا على حكم الشرط، وفي هذا نظر.
ثم خاطب تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم مخبرا أن اليهود والمنافقين أشد خوفا من المؤمنين منهم من الله تعالى لأنهم يتوقعون عاجل الشر من المؤمنين ولا يؤمنون بآجل العذاب من الله تعالى، وذلك لقلة فهمهم بالأمور وتوفيقهم للحق.