[ ص: 180 ] قوله عز وجل:
إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب
قد تقدم ذكر اختلاف القراء في كسر الألف من إن الدين وفتحها، والدين في هذه الآية: الطاعة والملة، والمعنى: أن الدين المقبول أو النافع أو المقرر.
و"الإسلام" في هذه الآية هو الإيمان والطاعة، قاله وعليه جمهور المتكلمين، وعبر عنه أبو العالية، قتادة ومحمد بن جعفر بن الزبير بالإيمان، ومرادهما أنه مع الأعمال.
والإسلام هو الذي سأل عنه جبريل النبي عليه الصلاة والسلام حين جاء يعلم الناس دينهم.... الحديث، وجواب النبي له في الإيمان والإسلام يفسر ذلك، وكذلك تفسيره قوله عليه السلام: الحديث. وكل مؤمن بنبيه ملتزم لطاعات شرعه، فهو داخل تحت هذه الصفة. وفي قراءة "بني الإسلام على خمس"... "إن الدين عند الله للإسلام" باللام. ابن مسعود
ثم أخبر تعالى عن اختلاف أهل الكتاب أنه كان على علم منهم بالحقائق، وأنه كان بغيا وطلبا للدنيا، قاله وغيره. ابن عمر
[ ص: 181 ] "والذين أوتوا الكتاب" لفظ يعم اليهود "والنصارى، لكن قال: المراد بهذه الآية اليهود" وذلك أن الربيع بن أنس موسى عليه السلام، لما حضرته الوفاة، دعا سبعين حبرا من أحبار بني إسرائيل فاستودعهم التوراة، عند كل حبر جزء، واستخلف يوشع بن نون، فلما مضت ثلاثة قرون وقعت الفرقة بينهم. وقال محمد بن جعفر بن الزبير: المراد بهذه الآية النصارى، وهي توبيخ لنصارى نجران.
و"بغيا" نصب على المفعول من أجله، أو على الحال من "الذين" ثم توعد عز وجل الكفار.
وسرعة الحساب يحتمل أن يراد بها سرعة مجيء القيامة والحساب، إذ هي متيقنة الوقوع، فكل آت قريب، ويحتمل أن يراد بسرعة الحساب أن الله تعالى بإحاطته بكل شيء علما، لا يحتاج إلى عد ولا فكرة، قاله مجاهد..