[ ص: 22 ] باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن، والجرأة عليه، ومراتب المفسرين
روي عن رضي الله عنها أنها قالت: عائشة جبريل». «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن
قال رضي الله عنه: ومعنى هذا الحديث: في مغيبات القرآن، وتفسير مجمله، ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى، ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه، ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور، وكرتبة خلق السماوات والأرض. القاضي أبو محمد عبد الحق
ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ».
قال رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في [ ص: 23 ] كتاب الله فيتسور عليه برأيه، دون نظر فيما قال العلماء، أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو، والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته، والنحاة نحوه، والفقهاء معانيه، ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر؛ فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه. وكان جلة من السلف القاضي أبو محمد عبد الحق كسعيد بن المسيب، وغيرهما، يعظمون تفسير القرآن، ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم، مع إدراكهم، وتقدمهم، وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عنهم. وعامر الشعبي،
فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم رضي الله عنه، ويتلوه فعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وهو تجرد للأمر وكمله وتتبعه، وتبعه العلماء عليه، عبد الله بن العباس كمجاهد، وغيرهما، والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن وسعيد بن جبير، رضي الله عنه. علي بن أبي طالب
وقال «ما أخذت من تفسير القرآن فعن ابن عباس: علي بن أبي طالب».
وكان يثني على تفسير علي بن أبي طالب ويحث على الأخذ عنه. ابن عباس
وكان يقول: «نعم ترجمان القرآن عبد الله بن مسعود وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن عباس»، وحسبك بهذه الدعوة. «اللهم فقهه في الدين»
وقال عنه علي بن أبي طالب: كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق»، ويتلوه «ابن عباس عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم. ومن المبرزين في التابعين وعبد الله بن عمرو بن العاص، الحسن بن أبي الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعلقمة.
قرأ على مجاهد قراءة تفهم ووقوف عند كل آية، ويتلوهم ابن عباس عكرمة، وإن كان لم يلق والضحاك بن مزاحم، وإنما أخذ عن ابن عباس، ابن جبير.
وأما رحمه الله فكان [ ص: 24 ] السدي يطعن عليه وعلى عامر الشعبي أبي صالح؛ لأنه كان يراهما مقصرين في النظر، ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى عدول كل خلف، وألف الناس فيه كعبد الرزاق، والمفضل، وعلي بن أبي طلحة، وغيرهم. والبخاري،
ثم إن رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير، وقرب البعيد وشفى في الإسناد. محمد بن جرير الطبري
ومن المبرزين في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج فإن كلامهما منخول، وأما وأبو علي الفارسي؛ أبو بكر النقاش، وأبو جعفر النحاس، فكثيرا ما استدرك الناس عليهما، وعلى سننهما رضي الله عنه، مكي بن أبي طالب وأبو العباس المهدوي رحمه الله متقن التأليف، وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله، ونضر وجوههم.