قوله عز وجل:
إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين
العامل في "إذ" فعل مضمر تقديره، اذكر إذ، ويجوز أن يعمل فيه "نقص"، كأن المعنى: نقص عليك الحال إذ، وحكى أن العامل فيه مكي لمن الغافلين ، وهذا ضعيف.
وقرأ : "يؤسف" بالهمز وفتح السين، وفيه ست لغات: "يوسف" بضم الياء وسكون الواو وبفتح السين وبضمها وبكسرها، وكذلك بالهمز. وقرأ الجمهور: "يا أبت" بكسر التاء، حذفت الياء من "أبي" وجعلت التاء بدلا منها، قاله طلحة بن مصرف . وقرأ سيبويه وحده، ابن عامر ، وأبو جعفر : "يا أبت" بفتحها، وكان [ ص: 41 ] والأعرج ، ابن كثير يقفان بالهاء، فأما قراءة وابن عامر بفتح التاء فلها وجهان: إما أن يكون "يا أبتا" ثم حذفت الألف تخفيفا وبقيت الفتحة دالة على الألف، وإما أن يكون جاريا مجرى قولهم: "يا طلحة أقبل"، رخموه ثم ردوا العلامة ولم يعتد بها بعد الترخيم، وهذا كقولهم: "اجتمعت اليمامة" ثم قالوا: "اجتمعت أهل اليمامة"، فردوا لفظة الأهل ولم يعتدوا بها. ابن عامر
وقرأ ، أبو جعفر ، والحسن وطلحة بن سليمان : أحد عشر كوكبا بسكون العين لتوالي الحركات، وليظهر أن الاسمين قد جعلا واحدا، وقيل: إنه قد رأى كواكب حقيقة والشمس والقمر فتأولها يعقوب إخوته وأبويه، وهذا قول الجمهور، وقيل: الإخوة والأب والخالة، لأن أمه كانت ميتة، وقيل: إنما كان رأى إخوته وأبويه فعبر عنهم بالكواكب والشمس والقمر، وهذا ضعيف، ترجم به ثم أدخل عن الطبري قتادة وغيرهما كلاما محتملا أن يكون كما ترجم وأن يكون مثل قول الناس، وقال المفسرون: القمر تأويله: الأب، والشمس تأويلها: الأم، فانتزع بعض الناس من تقديمها وجوب بر الأم وزيادته على بر الأب، وحكى والضحاك عن الطبري جابر بن عبد الله بستانة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني عن أسماء الكواكب التي رآها يوسف عليه السلام، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل جبريل عليه السلام فأخبره بأسمائها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهودي، فقال: هل أنت مؤمن إن أخبرتك بذلك؟ قال: نعم، قال: جريان، والطارق، والذيال، وذو الكتفين، وقابس، ووثاب، وعمودان، والفيلق، والمصبح، والضروح، وذو الفرغ، والضياء، والنور فقال اليهودي: أي والله إنها لأسماؤها. أن يهوديا يسمى
[ ص: 42 ] وتكرر "رأيتهم" لطول الكلام، وجرى ضمائر هذه الكواكب في هذه الآية مجرى ضمائر من يعقل إنما كان لما وصفت بأفعال هي خاصة بمن يعقل.
وروي أن رؤيا يوسف كانت ليلة القدر ليلة جمعة، وأنها خرجت بعد أربعين سنة، وقيل: بعد ثمانين سنة.