ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين
ثم ننجي رسلنا بالتشديد، وقرئ بالتخفيف، وهو عطف على مقدر يدل عليه قوله: "مثل أيام الذين خلوا" وما بينهما اعتراض جيء به مسارعة إلى التهديد، ومبالغة في تشديد الوعيد، كأنه قيل: أهلكنا الأمم ثم نجينا رسلنا المرسلة إليهم والذين آمنوا وصيغة الاستقبال لحكاية الأحوال الماضية؛ لتهويل أمرها باستحضار صورها، وتأخير حكاية التنجية عن حكاية الإهلاك - على عكس ما في قوله تعالى: "فنجيناه ومن معه في الفلك" ... إلخ، ونظائره الواردة في مواقع عديدة - ليتصل به قوله عز وجل: كذلك أي: مثل ذلك الإنجاء حقا علينا اعتراض بين العامل والمعمول، أي: حق ذلك حقا، وقيل بدل من المحذوف الذي ناب عنه كذلك، أي: إنجاء مثل ذلك حقا، والكاف متعلقة بقوله تعالى: ننجي المؤمنين أي: من كل شدة وعذاب، والجملة تذييل لما قبلها مقرر لمضمونه، والمراد بـ"المؤمنين" : إما الجنس المتناول للرسل - عليهم السلام - والأتباع، وإما الأتباع فقط، وإنما لم يذكر إنجاء الرسل؛ إيذانا بعدم الحاجة إليه، وأيا ما كان ففيه [ ص: 179 ] تنبيه على أن مدار النجاة هو الإيمان.