ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور
ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته كصحة بعد سقم وجدة بعد عدم، وفرج بعد شدة، وفي التعبير عن ملابسة الرحمة والنعماء بالذوق المؤذن بلذتهما وكونهما مما يرغب فيه، وعن ملابسة الضراء بالمس المشعر بكونها في أدنى ما ينطلق عليه اسم الملاقاة من مراتبها، وإسناد الأول إلى الله - عز وجل - دون الثاني - ما لا يخفي من الجزالة والدلالة على أن مراده تعالى إنما هو إيصال الخير المرغوب فيه على أحسن ما يكون، وأنه إنما يريد بعباده اليسر دون العسر، وإنما ينالهم ذلك بسوء اختيارهم نيلا يسيرا، كأنما يلاصق البشرة من غير تأثير، وأما نزع الرحمة فإنما صدر عنه بقضية الحكمة الداعية إلى ذلك، وهي كفرانهم بها كما سبق، وتنكير الرحمة باعتبار لحقوق النزع بها.
ليقولن ذهب السيئات عني أي: المصائب التي تسوؤني، ولن يعتريني بعد أمثالها، كما هو شأن أولئك الأشرار، فإن الترقب لورود أمثالها مما يكدر السرور وينغص العيش إنه لفرح بطر وأشر بالنعم مغتر بها فخور على الناس بما أوتي من النعم، مشغول بذلك عن القيام بحقها، واللام في "لئن" في الآيات الأربع موطئة للقسم، وجوابه ساد مسد جواب الشرط.