قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين nindex.php?page=treesubj&link=28983_31899قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قال العلماء : لما برأت نفسها ; ولم تكن صادقة في حبه - لأن من شأن المحب إيثار المحبوب - قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26هي راودتني عن نفسي نطق
يوسف بالحق في مقابلة بهتها وكذبها عليه . قال
نوف الشامي وغيره : كأن
يوسف - عليه السلام - لم يبن عن كشف القضية ، فلما بغت به غضب فقال الحق .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وشهد شاهد من أهلها لأنهما لما تعارضا في القول احتاج الملك إلى شاهد ليعلم الصادق من الكاذب ، فشهد شاهد من أهلها . أي حكم حاكم من أهلها ; لأنه حكم منه وليس بشهادة . وقد اختلف في هذا الشاهد على أقوال أربعة : الأول - أنه طفل في المهد تكلم ; قال
السهيلي : وهو الصحيح ; للحديث الوارد فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838153لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة . . . وذكر فيهم nindex.php?page=treesubj&link=31895شاهد يوسف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12851القشيري أبو نصر : قيل فيه : كان صبيا في المهد في الدار وهو ابن خالتها ; وروى
سعيد بن جبير عن
ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
[ ص: 152 ] قال :
تكلم أربعة وهم صغار . . . فذكر منهم شاهد يوسف ; فهذا قول . الثاني - أن الشاهد قد القميص ; رواه
ابن أبي نجيح عن
مجاهد ، وهو مجاز صحيح من جهة اللغة ; فإن لسان الحال أبلغ من لسان المقال ; وقد تضيف العرب الكلام إلى الجمادات وتخبر عنها بما هي عليه من الصفات ، وذلك كثير في أشعارها وكلامها ; ومن أحلاه قول بعضهم : قال الحائط للوتد لم تشقني ؟ قال له : سل من يدقني . إلا أن قول الله تعالى بعد " من أهلها " يبطل أن يكون القميص . الثالث - أنه خلق من خلق الله تعالى ليس بإنسي ولا بجني ; قاله
مجاهد أيضا ، وهذا يرده قوله تعالى : " من أهلها " . الرابع - أنه رجل حكيم ذو عقل كان الوزير يستشيره في أموره ، وكان من جملة أهل المرأة وكان مع زوجها فقال : قد سمعت الاستبدار والجلبة من وراء الباب ، وشق القميص ، فلا يدرى أيكما كان قدام صاحبه ; فإن كان شق القميص من قدامه فأنت صادقة ، وإن كان من خلفه فهو صادق ، فنظروا إلى القميص فإذا هو مشقوق من خلف ; هذا قول
الحسن وعكرمة وقتادة والضحاك ومجاهد أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان ابن عمها ; وروي عن
ابن عباس ، وهو الصحيح في الباب ، والله أعلم . وروي عن
ابن عباس - رواه عنه
إسرائيل عن
سماك عن
عكرمة - قال : كان رجلا ذا لحية . وقال
سفيان عن
جابر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن
ابن عباس أنه قال : كان من خاصة الملك . وقال
عكرمة : لم يكن بصبي ، ولكن كان رجلا حكيما . وروى
سفيان عن
منصور عن
مجاهد قال : كان رجلا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : والأشبه بالمعنى - والله أعلم - أن يكون رجلا عاقلا حكيما شاوره الملك فجاء بهذه الدلالة ; ولو كان طفلا لكانت شهادته
ليوسف - صلى الله عليه وسلم - تغني عن أن يأتي بدليل من العادة ; لأن كلام الطفل آية معجزة ، فكانت أوضح من الاستدلال بالعادة ; وليس هذا بمخالف للحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=835284تكلم أربعة وهم صغار منهم صاحب يوسف ، يكون المعنى : صغيرا ليس بشيخ ; وفي هذا دليل آخر وهو : أن
ابن عباس - رضي الله عنهما - روى الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تواترت الرواية عنه أن صاحب
يوسف ليس بصبي .
قلت : قد روي عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وهلال بن يساف والضحاك أنه كان صبيا في المهد ; إلا أنه لو كان صبيا تكلم لكان الدليل نفس كلامه ، دون أن يحتاج إلى استدلال بالقميص ، وكان يكون ذلك خرق عادة ، ونوع معجزة ; والله أعلم . وسيأتي من تكلم في المهد من الصبيان في سورة [ البروج ] إن شاء الله .
[ ص: 153 ] الثالثة : إذا تنزلنا على أن يكون الشاهد طفلا صغيرا فلا يكون فيه دلالة على
nindex.php?page=treesubj&link=16340العمل بالأمارات كما ذكرنا ; وإذا كان رجلا فيصح أن يكون حجة بالحكم بالعلامة في اللقطة وكثير من المواضع ; حتى قال
مالك في اللصوص : إذا وجدت معهم أمتعة فجاء قوم فادعوها ، وليست لهم بينة فإن السلطان يتلوم لهم في ذلك ; فإن لم يأت غيرهم دفعها إليهم . وقال
محمد في
nindex.php?page=treesubj&link=11466متاع البيت إذا اختلفت فيه المرأة والرجل : إن ما كان للرجال فهو للرجل ، وما كان للنساء فهو للمرأة ، وما كان للرجل والمرأة فهو للرجل . وكان
شريح nindex.php?page=showalam&ids=12444وإياس بن معاوية يعملان على العلامات في الحكومات ; وأصل ذلك هذه الآية ، والله أعلم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26إن كان قميصه قد من قبل كان في موضع جزم بالشرط ، وفيه من النحو ما يشكل ، لأن حروف الشرط ترد الماضي إلى المستقبل ، وليس هذا في كان ; فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد محمد بن يزيد : هذا لقوة كان ، وأنه يعبر بها عن جميع الأفعال . وقال
الزجاج : المعنى إن يكن ; أي إن يعلم ، والعلم لم يقع ، وكذا الكون لأنه يؤدي عن العلم . " قد من قبل " فخبر عن كان بالفعل الماضي ; كما قال
زهير :
وكان طوى كشحا على مستكنة فلا هو أبداها ولم يتقدم
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق من " قبل " بضم القاف والباء واللام ، وكذا " دبر " قال
الزجاج : يجعلهما غايتين كقبل وبعد ; كأنه قال : من قبله ومن دبره ، فلما حذف المضاف إليه - وهو مراد - صار المضاف غاية نفسه بعد أن كان المضاف إليه غاية له . ويجوز " من قبل " " ومن دبر " بفتح الراء واللام تشبيها بما لا ينصرف ; لأنه معرفة ومزال عن بابه . وروى
محبوب عن
أبي عمرو من قبل ومن دبر مخففان مجروران .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن قيل : قال لها ذلك
العزيز عند قولها :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25ما جزاء من أراد بأهلك سوءا . وقيل : قاله لها الشاهد . والكيد : المكر والحيلة ، وقد تقدم في [ الأنفال ]
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إن كيدكن عظيم وإنما قال عظيم لعظم فتنتهن واحتيالهن في التخلص من ورطتهن . وقال
مقاتل عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (
إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان لأن الله تعالى يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76إن كيد الشيطان كان ضعيفا وقال : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إن كيدكن عظيم .
[ ص: 154 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يوسف أعرض عن هذا القائل هذا هو الشاهد . و " يوسف " نداء مفرد ، أي يا
يوسف ، فحذف .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29أعرض عن هذا أي لا تذكره لأحد واكتمه .
ثم أقبل عليها فقال : وأنت
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29استغفري لذنبك يقول : استغفري زوجك من ذنبك لا يعاقبك .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29إنك كنت من الخاطئين ولم يقل من الخاطئات لأنه قصد الإخبار عن المذكر والمؤنث ، فغلب المذكر ; والمعنى : من الناس الخاطئين ، أو من القوم الخاطئين ; مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43إنها كانت من قوم كافرين nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12وكانت من القانتين . وقيل : إن القائل
ليوسف " أعرض ولها استغفري " زوجها الملك ; وفيه قولان : أحدهما : أنه لم يكن غيورا ; فلذلك ، كان ساكنا . وعدم الغيرة في كثير من
أهل مصر موجود . الثاني : أن الله تعالى سلبه الغيرة وكان فيه لطف
بيوسف حتى كفي بادرته وعفا عنها .