قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين
قالوا أي : قال بعضهم لبعض لما عجزوا عن المحاجة وضاقت عليه الحيل وعيت بهم العلل وهكذا ديدن المبطل المحجوج إذا قرعت شبهته بالحجة القاطعة وافتضح لا يبقى له مفزع إلا المناصبة .
حرقوه فإنه أشد العقوبات وانصروا آلهتكم الانتقام لها إن كنتم فاعلين أي : للنصر ، أو لشيء يعتد به . قيل : القائل : نمرود بن كنعان بن السنجاريب بن نمرود بن كوس بن حام بن نوح ، وقيل : رجل من أكراد فارس اسمه هيون ، وقيل : هدير خسفت به الأرض . روي أنهم لما أجمعوا على إحراقه عليه السلام بنوا له حظيرة بكوثى قرية من قرى الأنباط ، وذلك قوله تعالى : قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم فجمعوا له صلاب الحطب من أصناف الخشب مدة أربعين يوما فأوقدوا نارا عظيمة لا يكاد يحوم حولها أحد ، حتى إن كانت الطير لتمر بها وهي في أقصى الجو فتحترق من شدة وهجها ، ولم يكد أحد يحوم حولها فلم يعلموا كيف يلقونه عليه السلام فيها ، فأتى إبليس وعلمهم عمل المنجنيق فعملوه ، وقيل : صنعه لهم رجل من الأكراد فخسف الله تعالى به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، ثم عمدوا إلى إبراهيم عليه السلام فوضعوه فيه مغلولا فرموا به فيها ، فقال له جبريل عليه السلام : هل لك حاجة ؟ قال أما إليك فلا ، قال : فاسأل ربك ، قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي .