وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا
(86) التحية هي: اللفظ الصادر من أحد المتلاقيين على وجه الإكرام والدعاء، وما يقترن بذلك اللفظ من البشاشة ونحوها.
وأعلى أنواع التحية ما ورد به الشرع، من السلام ابتداء وردا. فأمر تعالى المؤمنين أنهم إذا حيوا بأي تحية كانت، أن يردوها بأحسن منها لفظا وبشاشة، أو مثلها في ذلك. ومفهوم ذلك النهي عن عدم الرد بالكلية أو ردها بدونها.
ويؤخذ من الآية الكريمة من وجهين: الحث على ابتداء السلام والتحية
أحدهما: أن الله أمر بردها بأحسن منها أو مثلها، وذلك يستلزم أن التحية مطلوبة شرعا.
الثاني: ما يستفاد من أفعل التفضيل وهو "أحسن" الدال على مشاركة التحية وردها بالحسن، كما هو الأصل في ذلك.
ويستثنى من عموم الآية الكريمة وكذلك يستثنى من ذلك من أمر الشارع بهجره وعدم تحيته، وهو العاصي غير التائب الذي يرتدع بالهجر، فإنه يهجر ولا يحيا، ولا ترد تحيته، وذلك لمعارضة المصلحة الكبرى. من حيا بحال غير مأمور بها، ك "على مشتغل بقراءة، أو استماع خطبة، أو مصل ونحو ذلك" فإنه لا يطلب إجابة تحيته،
ويدخل في رد التحية ثم أوعد تعالى وتوعد على فعل الحسنات والسيئات بقوله: كل تحية اعتادها الناس وهي غير محظورة شرعا، فإنه مأمور بردها وبأحسن منها، إن الله كان على كل شيء حسيبا فيحفظ على العباد أعمالهم، حسنها وسيئها، صغيرها وكبيرها، ثم يجازيهم بما اقتضاه فضله وعدله وحكمه المحمود.