باب ( الغسل ) بالضم : الاغتسال ، والماء يغتسل به ، وبالفتح : مصدر غسل ، وبالكسر : ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره . وشرعا ( استعمال ماء طهور مباح في جميع بدنه ) أي المغتسل ( على وجه مخصوص ) يأتي بيانه .
والأصل في مشروعيته قوله تعالى { : وإن كنتم جنبا فاطهروا } مع ما يأتي من السنة مفصلا ، سمي ( جنبا ) لنهيه أن يقرب مواضع الصلاة ، أو لمجانبته الناس ، حتى يتطهر ، أو لأن الماء جانب محله ، ويطلق على الواحد فما فوقه جنب ، وقد يقال : جنبان وجنبون ( وموجبه ) أي الحدث الذي يوجب الغسل باعتبار أنواعه ( سبعة )
أحدها فيجب الغسل بمجرد إحساس الرجل بانتقال منيه عن صلبه ، والمرأة بانتقاله عن ترائبها ، لأن الجنابة تباعد الماء عن مواضعه . وقد وجد ذلك ; ولأن الغسل تراعى فيه الشهوة . وقد وجدت بانتقاله أشبه ما لو ظهر ( فلا يعاد غسل له بخروجه ) أي المني ( بعد ) الغسل لأن الوجوب تعلق بالانتقال ، وقد اغتسل له . فلم يجب عليه غسل ثان . كبقية مني خرجت بعد الغسل . وليس عليه إلا الوضوء ، بال أو لم يبل . نصا . ( انتقال مني )
( ويثبت به ) أي انتقال مني ( حكم بلوغ وفطر وغيرهما ) كوجوب كفارة ، قياسا على وجوب الغسل ( وكذا ) أي كانتقال مني ( انتقال حيض ) قاله الشيخ تقي الدين . فيثبت بانتقاله ما يثبت بخروجه فإذا أحست بانتقال حيضها قبل الغروب وهي صائمة أفطرت ولو لم يخرج الدم إلا بعده . ( الثاني : خروجه ) أي المني ( من مخرجه ) المعتاد
( ولو ) كان المني ( دما ) أي أحمر كالدم للعمومات . ولخروج المني من جميع البدن وضعفه بكثرته ، جبر بالغسل ( وتعتبر لذة ) أي وجوها ، لوجوب الغسل بخروج المني ( في غير نائم ونحوه ) كمغمى عليه وسكران . قال في شرحه : ويلزم من وجود اللذة أن يكون دفقا ، فلهذا استغنينا عن ذكر الدفق باللذة .
( فلو ) ، لم يجب الغسل وهو نجس كما في الرعاية ، أو خرج المني من غير مخرجه أو من يقظان بغير لذة لم [ ص: 80 ] يعد ) الغسل ; لأنها جنابة واحدة فلا توجب غسلين ( وإن أفاق نائم ونحوه ) كمغمى عليه بالغ أو ممكن بلوغه ( وجد ) ببدنه أو ثوبه . ( جامع وأكسل فاغتسل ثم أنزل بلا لذة
قال أبو المعالي والأزجي : لا بظاهره لاحتماله من غيره ( بللا فإن تحقق أنه مني اغتسل ) وجوبا ولو لم يذكر احتلاما
. قال : ولا نعلم فيه خلافا ( فقط ) أي دون غسل ما أصابه لطهارة المني . وإن تحقق أنه مذي غسله ولم يجب غسل ( وإلا ) أي وإن لم يتحقق أنه مذي ولا مني ( ولا سبب ) الموفق اغتسل وجوبا ( وطهر ما أصابه ) البلل من بدن أو ثوب ( أيضا ) احتياطا . سبق نومه من ملاعبة ، أو نظر أو فكر أو نحوه ، أو كان به إبردة
فإن تقدم نومه سبب مما سبق لم يجب الغسل لأن الظاهر أنه مذي لوجود سببه ، إن لم يذكر احتلاما . وإلا وجب الغسل نصا ( ومحل ذلك ) أي ما تقدم فيما إذا وجد نائم ونحوه بللا ( في غير النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يحتلم ) لأنه لا ينام قلبه ; ولأن الحلم من الشيطان . ومحله أيضا : إذا كان البلل بثوبه إذا كان الثوب لا ينام فيه غيره ممن يحتلم . فإن كان كذلك فلا غسل على واحد منهما بعينه . لكن لا يأتم أحدهما بالآخر ولا يصافه وحده .
فإن أرادا ذلك اغتسلا . ومن . وأعاد الصلاة من آخر نومة نامها فيه . وجد منيا بثوب لا ينام فيه غيره اغتسل . وإن أنزل فعليه الغسل من حين أنزل إن كان بشهوة ، وإلا تبين وجوبه من الاحتلام ، لوجوبه بالانتقال فيعيد ما صلى بعد الانتباه ( الثالث ) ولا غسل بحلم بلا إنزال ، أي تقابلهما وتحاذيهما بتغييب الحشفة في الفرج ، لا إن تماسا بلا إيلاج . التقاء الختانين
فلذا قال ( تغييب حشفته ) أي الذكر ويقال لها الكمرة ولو لم يجد بذلك حرارة ( الأصلية ) فلا غسل بتغييب حشفة زائدة أو من خنثى مشكل لاحتمال الزيادة ( أو ) تغييب ( قدرها ) أي الحشفة من مقطوعها ( بلا حائل ) لانتفاء التقاء الختانين مع الحائل ، لأنه هو الملاقي للختان ( في فرج أصلي ) متعلق بتغييب فلا غسل بتغييب حشفة أصلية في قبل زائد أو قبل خنثى مشكل لاحتمال زيادته ( ولو ) كان الفرج الأصلي ( دبرا ) أو كان الفرج الأصلي ( لميت ) لعموم الخبر ( أو ) كان ( بهيمة ) حتى سمكة .
قاله في التعليق لأنه فرج أصلي . أشبه الآدمية ( ممن يجامع مثله ) وهو ابن عشر وبنت تسع ( ولو ) كان ( نائما أو مجنونا ) أو نحوه ( أو لم يبلغ ) كالحدث الأصغر بنقض الوضوء في حق الصغير والكبير . ومعنى الوجوب في حق من لم يبلغ : أن الغسل شرط لصحة صلاته ونحوها ، لا التأثيم بتركه لأنه غير مكلف .
( فيلزم ) [ ص: 81 ] الغسل من لم يبلغ إن كان يجامع مثله ، ووجد سببه ( إذا أراد ما يتوقف على غسل ) كقراءة ( أو ) ما يتوقف على ( وضوء ) كصلاة وطواف ومس مصحف ( لغير لبث بمسجد ) فإن أراده كفاه الوضوء كالبالغ ويأتي .
وكذا يلزم مميزا وضوء واستنجاء إذا وجد سببهما بمعنى توقف صحة صلاته على ذلك ( أو مات ولو شهيدا ) فيغسل لوجوب الغسل عليه قبل موته ( واستدخال ذكر أحد من ذكر ) من نائم ، ونحوه : مجنون وغير بالغ وميت وبهيمة ( كإتيانه ) فيجب على امرأة استدخلت ذكر نائم أو صغير ، ولو طفلا أو مجنون أو ميت ولو طفلا ونحوهم : الغسل لعموم " إذا التقى الختانان وجب الغسل " ويعاد غسل ميتة جومعت ومن جومع في دبره لا غسل ميت استدخل ذكره .
ومن ، فعليها الغسل قالت : بي جني يجامعني كالرجل ذكر وأنثى أو خنثى ، لحديث { ( الرابع : إسلام كافر ) قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه ( ولو ) كان الكافر ( مرتدا ) لمساواته الأصلي في المعنى ، وهو الإسلام ، فوجب مساواته له في الحكم ( أو ) كان الكافر ( لم يوجد منه في كفره ما يوجبه ) أي الغسل إقامة للمظنة مقام حقيقة الحدث .
وإذا كان يوجد منه في كفره ما يوجبه ، كفاه غسل الإسلام عنه . قال : ويغسل ثيابه . قال بعضهم : إن قلنا بنجاستها وجب وإلا استحب ( أو ) كان ( مميزا ) وأسلم لأن الإسلام موجب ، فاستوى فيه الكبير والصغير كالحدث الأصغر ( ووقت لزومه ) أي الغسل للمميز ( كما مر ) أي إذا أراد ما يتوقف على غسل أو وضوء لغير لبث بمسجد ، أو مات شهيدا . أحمد
ويأتي في بابه ، وانقطاعه عنه شرط لصحة الغسل له ، فتغسل إن استشهدت قبل انقطاعه ( الخامس : خروج حيض ) وانقطاعه شرط لصحة الغسل له ، قال في المغني : لا خلاف في وجوب الغسل بهما ( فلا يجب ) الغسل ( بولادة عرت عنه ) أي الدم ، ولا يحرم بها وطء . ولا يفسد صوم ، ولا بإلقاء علقة أو مضغة لأنه لا نص فيه ، ولا هو في معنى المنصوص عليه ، والولد طاهر . ومع الدم يجب غسله ( السادس : خروج دم نفاس ) لقوله عليه الصلاة والسلام " اغسلنها " وغيره من الأحاديث الآتية في محله ( تعبدا ) لا عن حدث ، لأنه لو كان عنه لم يرتفع مع بقاء سببه ، ولا عن نجس ، وإلا لما طهر مع بقاء سببه ( غير شهيد معركة أو مقتول ظلما ) فلا يغسلان ، ويأتي في محله ( السابع : الموت )