فأما قوله: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم الآية (9) .
اختلف السلف في تأويله، فقال قوم منهم هو الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره: أوص لفلان ولفلان، فيأمر الموصي بالإسراف فيما يعطيه لليتامى والمساكين، وندب له أن يزيد على الثلث، وهذا كان قبل أن تكون الوصية محصورة في الثلث، فيحثه من حضره على أن يوصي بأكثر المال لأقاربه اليتامى والمساكين، فقال الله تعالى: لا تأمروه بما لا تفعلونه لو حضركم الموت. ابن عباس:
وفيه بيان أن المستحب له إذا كان ورثته ضعفاء وهو قليل المال، أن لا يوصي بشيء، أو يوصي بأقل من الثلث، كما لما رده إلى الثلث فقال: لسعد
"والثلث كثير" الحديث. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأبان له أن استغناء الورثة بفضلها، أولى من استغناء غيرهم.
[ ص: 336 ] وقال مقسم، معناه ضد ذلك، وهو أن يقول الرجل للذي حضره الموت: أمسك عليك مالك، ولو كانوا ذوي قرابته لأحب أن يوصي لهم.
فتأوله الأولون على نهي الحاضرين عن الحث على الوصية، وتأوله مقسم على نهي من يأمره بتركها.
وقال هو الرجل يكون عند الميت فيقول: أوص بأكثر من الثلث من مالك، وهو الأوجه، إلا أن يكون ذلك في وقت كانت الوصية بأكثر من الثلث لازما، فأما إذا توقفت على إجازة الورثة، فلا نهي عليه. الحسن:
وعن رواية أخرى، أنه في ولاية مال اليتيم وحفظه والاحتياط في التصرف فيه، وهذه المعاني بجملتها يجوز أن تكون معنية بالآية، إذ لا تناقض فيها، ويجمعها مراعاة المصلحة للورثة واليتامى والموصى.. ابن عباس