[ ص: 372 ] [ ص: 373 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة محمد
قوله تعالى : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب - إلى قوله- فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها الآية \ 4.
فيه بيان كيفية الجهاد، وما يجب التمسك به في محاربتهم، فبين أولا ما يجب عند لقاء الكفار، والمنعة قائمة، وهو ضرب الرقاب، لأن عند ذلك تجب هذه الطريقة، ثم بين الحكم إذا نحن أثخناهم وبددنا امتناعهم، فأمر أن نشدهم في الوثاق فإما أن نمن أو نفادي، وهذا لأنه تعالى كان قد حرم الأسر بقوله : ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض : فأباح بهذه الآية أسرهم إذا أثخناهم بالجراح وغيره، وبين أن أمرهم إلى الإمام، فإن شاء من عليهم بإطلاق من غير فداء، وإن شاء فادى، وإن شاء قتل، على ما يراد الأصلح للإسلام والمسلمين.
ودل بقوله : حتى تضع الحرب أوزارها : أن ذلك غاية فيما [ ص: 374 ] تقدم ذكره، ولا يجوز أن يكون غاية في حكم الأسرى، فإذا يجب أن يكون غاية في حكم ما كان يجب أن يكون غاية في المقاتلة، فكأنه بين أن أثقال الحرب من قبلهم إذا زالت، فللمؤمنين مفارقة السلاح، ويدعوا الحرب إلى حال أخرى.
قال : في الآية تقديم وتأخير، فكأنه قال : فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها، ثم قال : حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق. الحسن
وزعموا أنه ليس للإمام إذا حصل الأسير في يده أن يقتله بل هو بالخيار في ثلاثة مراتب : إما أن يمن أو يفادي أو يسترق.
وقال فيما رواه السدي : إن ذلك منسوخ بقوله تعالى : إسماعيل بن إسحاق فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .
وقال مثله، وجعل ناسخه قوله تعالى : قتادة فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم .
وقال المن والفداء حقه في الأسير إذا تمكن منه، ولا يمنع ذلك من القتل الذي سنه الله تعالى في الكفار، فكأن الله تعالى حرم المن والفداء قبل التمكن، وأذن فيهما بعد التمكن، والقتل في الحالتين من حيث الكفر سائغ. إسماعيل بن إسحاق :
وروي في قوله تعالى : حتى تضع الحرب أوزارها أقوال : روي عن : حتى يعبد الله ولا يشرك به، وعن الحسن : حتى لا يكون دين إلا الإسلام. مجاهد
[ ص: 375 ] وعن سعيد بن جبير في رواية أخرى : حتى يخرج ومجاهد عيسى بن مريم فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة، وتأمن الشاة من الذئب.