قوله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم (225):
اعلم أن اللغو مذكور في القرآن على وجوه، والمراد به معان مختلفة على حسب اختلاف الأحوال التي خرج الكلام عليها.
فقال الله تعالى: لا تسمع فيها لاغية يعني: كلمة فاحشة قبيحة.
و لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما على هذا المعنى، وقال: [ ص: 146 ] وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه يعني: الكفر والكلام القبيح.
وقال: والغوا فيه لعلكم تغلبون . يعني الكلام الذي لا يفيد شيئا ليشتغل السامعون عنه بذلك، وقال:
وإذا مروا باللغو مروا كراما يعني بالباطل.
ويقال: لغا في كلامه يلغو إذا أتى بكلام لا فائدة فيه.
وقد روي في لغو اليمين معان عن السلف:
فروي عن أنه: هو في الرجل يحلف على الشيء يراه كذلك، ولا يكون كذلك. ابن عباس
وروي عن ، مجاهد ، قال وإبراهيم في قوله تعالى: مجاهد ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان .
أنه يحلف على الشيء وأنه يعلم، وهذا في معنى قوله: بما كسبت قلوبكم .
وقالت "هو قول الرجل: لا والله، بلى والله" . عائشة:
وكثرت أقاويل السلف فيه، وأقربها قول هو الرجل يحلف على الحرام فلا يؤاخذه الله بتركه. [ ص: 147 ] وذلك يقرب من أحد تأويلي قوله عز وجل: سعيد بن جبير: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم .
وقد ظن قوم أن المراد به، المؤاخذة في الآخرة، فتجب الكفارة في الدنيا، وليس على ما ظنوه، فإنه تعالى قال في موضع آخر:
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته .
فذلك يدل على أن المؤاخذة المذكورة في القسم الثاني، هي المتيقنة في القسم الأول.
وظن أن قوله: "عقدتم" يدل على ما يتصور عقد العزم عليه من الأفعال، حتى يخرج منه اليمين على الماضي، وذلك إن صح له، فيخرج منه الأيمان على فعل الغير، وحنث النسيان وغيرهما، فالأقرب في معانيه، ما قالته أبو حنيفة، وهو مذهب عائشة الشافعي..