إنما المؤمنون أي: الراسخون في وصف الإيمان الذين أي: يقيمون الدليل على دعوى الإيمان بتصديق أفعالهم لأقوالهم فيكونون إذا ذكر الله أي: الجامع لصفات الكمال من الجلال والجمال مجرد ذكر في نحو قوله: الأنفال لله وجلت أي: خافت خوفا عظيما يتخلل صميم عظامهم ويجول في سائر معانيهم وأجسامهم قلوبهم أي: [ ص: 220 ] بمجرد ذكره استعظاما له وإذا تليت أي: قرئت على سبيل الموالاة والاتصال من أي تال كان عليهم آياته أي: كما يأتي في إقامة الأدلة على ذلك الحكم الذي ورد ذكره فيه زادتهم إيمانا أي: بإيمانهم بها وبما حصل لهم من نور القلب وطمأنينة اليقين بسببها؛ فإنها هي الدالة على الله بما تبين من عظيم أفعاله ونعوت جلاله وجماله، وتظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه، وكمال تعالى إنما يعرف بواسطة آثار حكمته في مخلوقاته، وذلك بحر لا ساحل له، ولما كانت المراتب لا نهاية لها، كانت مراتب التجلي والمعرفة لا نهاية لها، فالزيادة في أشخاص التصديق قدرة الله وعلى أي: والحال أنهم على ربهم أي: الدائم الإحسان إليهم وحده يتوكلون أي: يجددون إسناد أمورهم إليه مهما وسوس لهم الشيطان بالفقر أو غيره ليكفيهم من حيث لا يحتسبون، فإن خزائنه واسعة، ويده سحاء الليل والنهار، كما أنهم لما توكلوا عليه في القتال نصرهم وقد كانوا في غاية الخوف من الخذلان، وكان حالهم جديرا بذلك لقلقهم وخوفهم وقتلهم وضعفهم.