وما كان الله أي: مع ما له من صفات الكمال والعظمة والجلال، وأكد النفي بقوله: ليعذبهم أي: ليجدد لهم ذلك في وقت من الأوقات وأنت أي: يا أكرم الخلق فيهم فإنه لعين تجازى ألف عين وتكرم... ولما بين بركة وجوده، أتبعه ما يخلفه صلى الله عليه وسلم إذا غاب في العباد من العذاب فقال: وما كان الله أي: الذي له الكمال كله معذبهم أي: مثبتا وصف تعذيبهم بحيث يدوم وهم يستغفرون أي: يطلبون الغفران بالدعاء أو يوجدون هذا اللفظ فيقولون: أستغفر الله، [ ص: 272 ] فإن لفظه وإن كان خبرا فهو دعاء وطلب، فوجوده صلى الله عليه وسلم في قوم أبلغ من نفي العذاب عنهم، وهذا الكلام ندب لهم إلى الاستغفار وتعليم لما يدفع العذاب عنهم كما تقول: ما كنت لأضربك وأنت تطيعني، أي: فأطعني - نبه عليه الإمام ، وفي ذلك حث عظيم لمن صار صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم من المسلمين صادقهم ومنافقهم على الرغبة في مواصلته والرهبة من مفارقته، وتعريف لهم بما لهم في حلول ذاته المشرقة في ساحتهم من جليل النعمة ترغيبا في المحبة لطول عمره والاستمساك بعزره في نهيه وأمره؛ إذ المراد - والله أعلم - بالاستغفار طلب المغفرة بشرطه من الإيمان والطاعة، وعن أبو جعفر النحاس رضي الله عنه أنه كان في هذه الأمة أمانان، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى، وأما أبي موسى الأشعري فهو كائن فيكم إلى يوم القيامة. الاستغفار