ولما ختم بالتنزيه عما قالوا من الشريك والولد ، استدل على ذلك التنزيه بأن الكل خلقه ، محيط بهم علمه ، ولن يكون المصنوع كالصانع ، فقال : بديع السماوات والأرض أي : مبدعهما ، وله صفة الإبداع ، أي : القدرة على الاختراع ثابتة ، ومن كان كذلك فهو غني عن التوليد ؛ فلذا حسن التعجب في قوله : أنى أي : كيف ومن أي وجه يكون له ولد وزاد في التعجيب بقوله : ولم أي : الحال أنه لم تكن له صاحبة والحال أنه وخلق كل شيء أي : مقدور ممكن من كل صاحبة تفرض ، وكل ولد يتوهم ، وكل شريك يدعى ، فكيف يكون المبدع محتاجا إلى شيء من ذلك على وجه التوليد أو غيره .
[ ص: 218 ] ولما كانت القدرة لا تتم إلا بشمول العلم قال : وهو ولم يضمر تنبيها على أن عموم العلم لا تخصيص فيه كالخلق فقال : بكل شيء عليم أي : فهو على كل شيء قدير ؛ لأن - كما يأتي برهانه - إن شاء الله - في ( طه ) ، ومن كان له ولد لم يكن محيط العلم ولا القدرة ، بل يكون محتاجا إلى التوليد . شمول العلم يلزمه تمام القدرة