ولما انتفى أن يكون لهم حجة ، وثبت أن الأمر إنما هو لله - ثبت أنه المختص بالحجة الواضحة ، فقال مسببا عن ذلك : قل فلله   أي : الإله الأعظم وحده الحجة البالغة  أي : التي بلغت أعلى درجات الحق قوة ومتانة وبيانا ووضوحا ورصانة بسبب أنه شامل العلم كامل القدرة كما أقررتم بذلك حين قلتم : و لو شاء الله ما أشركنا  وإن كنتم قلتموه على سبيل الإلزام والعناد لا لأجل التدين والاعتقاد فلو شاء  أي : الله لهداكم  أي : أنتم ومخالفيكم أجمعين  ولكنه لم يشأ ذلك ، بل شاء هداية بعض وضلال آخرين ، فوقع ذلك على الوجه الذي شاءه ، فلزم على قولكم أن يكون الفريقان محقين ، فيكون الشيء الواحد حقا وغير حق في حال واحد ، وهذا لا يقوله عاقل ، ويلزمكم على ذلك أيضا أن توالوا أخصامكم ولا تعادوهم وإن فعلوا ما فعلوا ؛ لأنه حق رضى الله لأنه بمشيئته وأنتم لا تقولون ذلك ، فبطل قولكم فثبت أنه قد يشاء الباطل لأنه لا يسأل عما يفعل ويرسل الرسل إليكم لإزالته ليقيم بهم الحجة على من يريد عقابه على ما يتعارفه الناس بينهم ، وورود الأمر على خلاف الإرادة غير ممتنع . 
				
						
						
