وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا . استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا
قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم يعني كفار مكة حلفوا بالله قبل إرسال محمد صلى الله عليه وسلم لئن جاءهم نذير أي: رسول الله ليكونن أهدى أي: أصوب دينا من إحدى الأمم يعني اليهود والنصارى والصابئين فلما جاءهم نذير وهو محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم مجيئه إلا نفورا أي: تباعدا عن الهدى، استكبارا في الأرض أي: عتوا على الله وتكبرا عن الإيمان به . قال نصب " استكبارا " على البدل من النفور . قال الأخفش: المعنى: [ ص: 498 ] فعلوا ذلك استكبارا الفراء: ومكر السيئ ، فأضيف المكر إلى السيئ، كقوله: وإنه لحق اليقين [الحاقة: 51]، وتصديقه في قراءة عبد الله: " ومكرا سيئا " ، والهمزة في " السيئ " مخفوضة، وقد جزمها الأعمش لكثرة الحركات; قال وحمزة، وهذا عند النحويين الحذاق لحن، إنما يجوز في الشعر اضطرارا . وقال الزجاج: كان أبو جعفر النحاس: يقف على " مكر السيئ " فيترك الحركة، وهو وقف حسن تام، فغلط الراوي، فروى أنه كان يحذف الإعراب في الوصل، فتابع الأعمش الغالط، فقرأ في الإدراج بترك الحركة . حمزة
وللمفسرين في المراد بـ ( مكر السيئ ) قولان .
أحدهما: أنه الشرك . قال عاقبة الشرك لا تحل إلا بمن أشرك . ابن عباس:
والثاني: أنه المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، حكاه الماوردي .
قوله تعالى: فهل ينظرون أي: ينتظرون إلا سنت الأولين أي: إلا أن ينزل العذاب بهم كما نزل بالأمم المكذبة قبلهم فلن تجد لسنت الله في العذاب تبديلا وإن تأخر ولن تجد لسنت الله تحويلا أي: لا يقدر أحد أن يحول العذاب عنهم إلى غيرهم .